تناولت السنة النبوية موضوع تأثير ماء الرجل على جنس مولوده من خلال أحاديث متعددة، منها صحيح البخاري ومسلم. وفقاً لهذه الأحاديث، يُعتقد أن السباق بين مياه الزوجين قد يكون له دور في تحديد جنس الطفل. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَغَلِيظٌ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُّ وَرَقِيقٌ..." (صحيح مسلم، 315). يفسر هذا الحديث أن السائل المنوي لدى الرجال أبيض وغليظ، بينما السوائل الأنثوية صفراء ورقيقة. عندما يجتمع كلا النوعين ويتفاعلان، فإن الأمر الذي سيطرأ سيحدد جنس الجنين.
ومع ذلك، توضح الدراسات الحديثة أن الصورة ليست واضحة تماماً فيما يتعلق بدور المياه الذكريّة والإناثية في عملية الحمل وحدوث حمل ذكر أو أنثى. ومع ذلك، يبدو أن الاحتمالات التي تشير إليها الأحاديث تتفق مع الاكتشافات الطبية الأخيرة حول دور الكروموسومات والجينات. يشير علماء الإسلام المحافظون إلى إمكانية وجود علاقة بين نسبة الذكور والإناث في الأشقاء وبين الأم والجد الأكبر للمرأة (الأعمام والأخوال).
على الرغم من عدم اكتمال فهم علمي كامل لهذا الموضوع حتى الآن، إلا أن النصوص الدينية تحمل أهمية كبيرة باعتبارها مصدر توجيه للإنسانية جمعاء عبر العصور. لذلك، يجب أن نتذكر دائمًا أن بيان الرسول الكريم يستخدم اللغة الطبيعية وأسلوب الخطاب العام المتداول خلال فترة حياته. بعبارة أخرى، ربما كانت عباراته تطابق تصورات العلم الحالي ولكن أيضًا تحتوي على رمزيات وفلسفات خاصة بالسياق التاريخي والثقافي لتلك الفترة الزمنية.
وفي نهاية المطاف، لا يوجد تناقض مطلق بين الأحكام الشرعية والاستنتاجات العلمية المستقبلية. فالهدف الأساسي للشريعة الإسلامية هو تقديم دليل موجه وحكمة لكل البشر بغض النظر عن مستوى تقدم علوم زمانهم. ولذلك، يمكن اعتبار الآراء العلمية الجديدة مجرد تفسيرات محتملة لما جاء به الدين وتأكيد لها، وليس ضدها أو مما يدحضها بالضرورة. إنها طريقة رائعة لإظهار رحابة العقيدة الإسلامية واستعدادها لاستيعاب الحقائق والمعرفة المكتسبة حديثًا ضمن حدود تعاليمها الأصلية.