وفقاً لتفسير القرطبي وابن كثير وابن جرير الطبري وغيرهم من علماء المسلمين، تعني "الأمانة" في سياق الآية الكريمة (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا)، كل أنواع الأمانات الدينية والشخصية. وهذا يعني أن الله عز وجل عرض تكليفه وشريعته على جميع مخلوقاته، ولكن تم رفضها باستثناء الإنسان الذي قبِل بحمله لهذه التكاليف رغم ضعف البشر وعجزهم.
أما بالنسبة لتوقيت قبول آدم للأمانة، يشير حديث رواه ابن عباس، كما ذكر الطبري، إلى أن آدم عليه السلام قبل الأمانة وهو في الجنّة نفسها. حيث يُروى أنه عند عرضه عليها أجاب بأنه سيوافق بشروط صارمة، وهي أنه إن طاع اللّه سبحانه وتعالى فسيتم المغفرة له، أما إذا عصى فلابد من العقاب. وقد حدث الأمر المؤسف بسرعة كبيرة جداً - حسب الرواية - خلال الفترة القصيرة بين عصر يوم الجمعة وليلاً. وبالتالي، يمكن القول بأن آدم قد حمل الأمانة قبل نزوله إلى الأرض وبعد دخوله للجنة ولكنه قبل تناول الفاكهة المحرمة.
ويجب التنبيه هنا إلى أهمية فهم عمق معنى تحمل الأمانة الإنسانية وكيف تشكل أساس عبادة الإنسان وتفاعله مع خلق الله الأخرى. إنها مسؤولية عظيمة ومقدسة تتطلب التفكّر والتأمّل والاستعداد لصون حقوق الآخرين والحفاظ على النظام الإلهي الموضوع للعالم.