الحمد لله، من رأى منكراً وهو قادر على إنكاره بيده أو بلسانه، وجب عليه ذلك، إلا إن خشي من الإنكار مفسدة أكبر. ففي الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" (مسلم 49).
إنكار المنكر له درجات أربع، وفقاً لابن القيم رحمه الله: الأولى أن يزول المنكر ويحل محله المعروف، والثانية أن يقل المنكر وإن لم يزُل تماماً، والثالثة أن يخلف المنكر ما هو مثله، والرابعة أن يخلفه ما هو شر منه. الدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة.
يتأكد الإنكار في حق الأخ تجاه أخواته، لأنهن عرضه وهو مأمور بحفظهن. ومع ذلك، إذا خشي الأخ مفسدة أكبر بإنكاره، فله أن يخبر والده أو والدته. أما الإثم بترك الإنكار، فحيث ترك الإنكار أو الإخبار مع عدم توقع مفسدة أكبر، كان آثما. أما إذا خشي مفسدة أكبر بإنكاره أو بإخبار والده، وأوقف المنكر، واجتهد في منع تكرره، فهو معذور إن شاء الله.
في حالة الأخ الذي رأى منكراً في أخواته وسكت خوفاً، ثم أخبر والده بعد مدة، وحصلت تبعات لسكوته مدة، فإنه قد يأثم إذا ترك الإنكار أو الإخبار مع عدم توقع مفسدة أكبر. ومع ذلك، إذا خشي مفسدة أكبر بإنكاره أو بإخبار والده، وأوقف المنكر، واجتهد في منع تكرره، فهو معذور إن شاء الله.