تعرض الآيات القرآنية المختلفة مواقف مختلفة فيما يتعلق بمصير الموت بالنسبة للمؤمنين والكافرين. وفي حين يبدو أن بعض الآيات تشير إلى وجود "مويتان" للحياة البشرية ("موته ونحن ميتون"، مثلما جاء في سورة البقرة - 2: 28 وسورة غافر - 40: 11), فإن تفسيرات علماء الدين توضح السياقات المختلفة لكلمات "الموت".
وفقاً لتوضيح الشيخ محمد الأمين الشنقيطي, تعددت التفاسير حول مصطلح "اثنتين": البعض يفسرها بأن المقصود هو خلق الإنسان كنفثة أولاً ثم اماته وثانياً بإزالة الروح عنه أثناء الموت الطبيعي; بينما الآخرين فسروا أنها تعني حدوث نوعين مختلفين من الموت: واحد خلال مرحلة الحمل حيث لم يكن الكائن بشراً كاملًا بعد، والثانية عندما يصل العمر النهائي للإنسان وينفصل القلب والأراوح. وهذا النوع الثاني منه يسمى أيضاً بالموت الأول حسب العديد من المفسرين.
أما فيما يتعلق بسورة الدخان - 44: 56 والتي تنص على "(لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى)"، هنا يتم التركيز على تجربة الشعور بالفراق والحياة المسماة بالحالة الذهنية المرتبطة بفكرة الانتقال الروحي وخروج النفس مما اعتادت عليه سابقاً؛ أي لحظة مرور الإنسان الأخير عبر جسده وترك عالم الأحياء لدخول العالم التالي سواء كان ذلك الجنّة أو نار جهنم.
بالنظر لهذه المعرفة الجديدة حول كيفية فهم النص القرآني، يمكن القول إن كل شخص له 'موته' خاص به والذي يعكس طبيعته الجسدية والنفسية عند انتهاء دوره الزمني المربوط بالعمر المعد له منذ ولادته حتى نهايته. وبالتالي، رغم استخدام عبارتي "اثنين" و "أولي"، يشير كلتا العبارتين لنوع مختلف من اللحظات الحيوية وليس عدد مرات الحدث نفسه.
وفي النهاية، أكد الدكتور علي محيي الدين القره داغي رحمه الله في كتابه "الفقه الإسلامي وأدلته"، أهمية الاعتراف بتنوع وجهات النظر الفقهية بشأن نفس الموضوع الواحد داخل الجسم المعرفي للعقل الإسلامي. وهكذا، يبقى الباب مفتوحاً أمام المناقشة المستمرة لفهم المزيد عن الجانب الغامض للموت كما ورد في الوحي الإلهي المقدس.