يتناول هذا المقال قضية حساسة تواجه المهندسين في مجال تقنية المعلومات، حيث يتم الاستفسار حول مشروع ينطوي على برنامج لإدارة ومتابعة العمليات المتعلقة بالإجراءات القانونية للمسيحيين، والتي قد تشمل زواج وطلاق وقضايا دينية أخرى ضمن عقيدة المسيحية. ويستهدف المشروع استخدام البرمجة لتوفير حلول آلية لهذه المسائل.
يجيب العلماء بشكل قاطع بأن مثل هذه الأعمال محرمة تماماً. فتعاون الفرد في تنفيذ أو تطوير أي نظام يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تطبيق القوانين المنحرفة -التي تخالف الشريعة الإسلامية- يعد مساندة للباطل ودعمًا للشرك والكفر. يقول الله تعالى في سورة المائدة الآية الثانية والخمسين "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب". وهذه الآية تبين بوضوح وجوب اجتناب دعم المعاصي والمعاملات المخالفة لشرائع الدين الحق.
وقد أكدت أقوال بعض فقهاء الإسلام القدامى، منهم ابن حزم وابن تيمية وابن كثير رحمهم الله جميعاً، أن الانقياد للقوانين الدينية المجمع عليها كونها نسخت أو غيّبت ليست مجرد مخالفة فقط، بل هي جريمة كبيرة تفوق الحدود الدنيا للإثم تأخذ بعقدة الكفر والدخول تحت مظلة الشرك الأكبر. وعليه فإن مشاركة الشخص في صناعة أدوات تساعد الآخرين على ارتكاب تلك الاعتداءات يغدو مشاركة فعالة فيه وتعريض نفسه لعقوبات مغلظة منها الخروج خارج أسوار الصفوف المسلمة.
ومن هنا يجب على المرء الحرص الشديد عند التعامل مع مثل تلك المواقف حتى لا يدخل باب الخطيئة خطوة بخطوة. وعلى سبيل المثال يعمل المستشارون التقنيون الأخيار أولاً بمراجعة نوايا عملائهم والتأكد ممن تكون نيتهم الأصلية باستخدام البرنامج المقترح وما إذا كانت ستسمح بتطبيق قوانين باطلة ضد التوجيهات القرآن الكريم والسنة المطهرة ام لا. بالإضافة لذلك يمكن التفكير باستعادة الأموال المتلقاة مقابل الخدمة المقدمة واسترجاع البرامج المدخلة سابقًا وإزالة أجزاءها التي تضمنت محتوى مناف للشرع الإسلامي لاحقا إلى وضعيتها الأولى قبل بدء عملية التأليف الحالية. والأمر الأكثر أهمية بكثير هو تقديم اعتذارات صادقة ومخلصتين أمام الذات الأعظم سبحانه وتعالى بطلب المغفرة والعفو عنه لما بدر منه جهلاً وجهالة خلال الفترة المؤقتة الماضية.
وفي النهاية، يبقى التشديد على ضرورة اتباع نهج التدقيق والثبات فيما يتعلق بالأعمال ذات الطبيعة الحساسة كهذه، خاصة عندما ترتبط ارتباط وثيق بفكرة خدمة مصالح خلاف المصالح الروحية والجسدية لمن هم داخل منظومة العقائد الاسلامية.