عندما نتناول قصة سليمان عليه السلام وفقًا لما ورد في القرآن الكريم، فإن الإيمان يجب أن يكون شاملاً وثابتاً. إن جوهر القصة يكمن في إيماننا بأن كل ما جاء في الكتب المقدسة صادقة وموثوق بها تمام الثقة. فنحن نؤمن بوحي الله الذي يمكن أن يصل إلى أي مخلوق حسب مشيئته، وهو أمر ليس بغريب عنه عز وجل.
على الرغم من التساؤلات المثارة حول كيفية إدراك النملة لهوية سليمان وجيشه الضخم، إلا أنها ليست مهمتنا كمؤمنين أن نفهم التفاصيل الدقيقة لكيفية حدوث ذلك. فالقرآن يؤكد لنا فقط أن النملة قد تنبهت لتحركات الجيش عبر وصيتها الشهيرة التي تضمنت عدة أشكال من البلاغة والفطنة. حيث طلبت منها دخول مساكنها لتجنب التعرض للأذى المحتمل بسبب مرور الطاغية سليمان واجنده بدون قصد منهم.
ومثل هذا الوضع يعكس قدرتنا على فهم رسالة الله بغض النظر عن طبيعتها الظاهرية. فهذا النوع من الغيب ليس بحاجة للتفسير بشروطه الأرضية العادية. ويستند أساس اعتقادنا هنا على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين أكد قدرته الشخصية على التعرف على الأجسام غير البشرية، مثل تلك الحجر بمكة المكرمة قبل وبعد بعثته المباركة! ويبدو أن النبي الكريم يقصد بذلك تأكيد توفر القدرة لدى الخالق سبحانه وتعالى لإرشاد واستنباط الحيوانات وغير المعروف للعقل البشري حتى تتمتع بفهم أساسي لأحداث العالم المحيط بها بشكل عام.
وفي النهاية، بينما يظهر الكتاب المقدس بالتأكيد قوة ربانية تفوق التصورات الإنسانية اليوم، فهي تتوافق أيضًا مع عقيدة الإسلام الراسخة فيما يتعلق برحمة الرب وقدرته اللانهائية على توجيه خلقاته ومعاملتهم بكل عدل وحكمة. لذلك، بدلا من الانغماس في تناقضات افتراضية يمكن حلها بالنظر العقلي فقط، فلنقبل بكرامة ونعتبر الحقائق المبينة أمامنا كتعبير صادق لحكمة عليا وغيب قديس ستكتشف معنايات جديدة عندما نسعى لفهم الأمور بروح التقوى والاستسلام للحسنى بإذن الله الواحد القهار.