في عالم الحديث النبوي الشريف، يبرز حفظ النصوص بكامل لغتها والعبارة الأصلية التي وردت بها أهميته القصوى. فالعربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، إنها لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة، وشعار الدين نفسه. إن دراسة وحفظ أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بلغتها الأم يُعد أولوية قصوى للمؤمن المقتدر عليها.
يقول الإمام الشافعي: "على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده، حتى يشهد به أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله". كذلك يؤكد الشيخ الإسلام ابن تيمية: "قال الشافعي... أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب...". لذا، يجب حرص المسلمين الذين يستطيعون على تعلمه على تعلم العربية لما فيها من فضائل ومنفعة للدين والداعية إليه.
بالإضافة لذلك، تتميز ألفاظ السنة بالنبوية بسحرها الخاص ومعانيها المتنوعة، مما يجعل الحفاظ على الكلمات الدقيقة أمر بالغ الأهمية. فعلى سبيل المثال، في أدعية الأذكار مثل دعاء النوم عند النوم، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيت مضجعك توضأ ..." إلخ. هنا، تنفرد الكلمات بتأثير روحاني مميز يختلف عن معناها حرفيًا بحتًا. إن إعادة إنتاج تلك الأدعية بنفس العبارة يضمن الاحترام الكامل للأثر الروحي لهذه النصوص.
ومع ذلك، ليس هناك أي مانع شرعي إذا لم يتمكن الشخص من التعامل بالعربية التام واستخدم مترجميه لفهم ونقل محتوى الأحاديث. ولكن يبقى الحق أنه سيفتقد جوانب جوهرية كثيرة تفوت عندما تختصر الترجمة فقط على نقل المعنى العام بدون الخصوصيات الجزئية داخل النص العربي. بالتالي، يعد فهم واحترام السياقات الغنية للغتنا المقدسة جزء أساسي من تحقيق العدالة لأمر الله والإقرار بذلك أمام خلقه الكريم.