- صاحب المنشور: عتمان بن علية
ملخص النقاش:
تُعدّ الشعاب المرجانية بيئة بحرية فريدة تقع بين خطوط العرض الاستوائية وتتميز بتنوعها البيولوجي الكبير. تشكل هذه الأنظمة الإيكولوجية موطناً لأكثر من مليون نوع من الكائنات البحرية المختلفة، مما يجعلها نظامًا غذائيًا حيويا للكثير من الحيوانات والحياة البرية في المناطق الساحلية حول العالم. ومع ذلك، فإن هذه النظام الإيكولوجي الثمين مهدد بالتغير المناخي الحالي الذي يؤثر بشكل مباشر على البنية الفيزيائية والكيميائية لسلاسل الغذاء البحري.
أولا وقبل كل شيء، ترتفع درجات الحرارة العالمية نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري. تتسبب هذه الزيادة في ارتفاع مستويات مياه البحر المتوسط والتي تؤدي إلى تآكل الشواطئ وهجرة الأنواع البحرية. ولكن الأكثر أهمية هو التأثير المباشر لحرارة المياه الدافئة على مرجانيات الشعاب نفسها. حيث تعمل درجة الحرارة المرتفعة فوق الحد الطبيعي لمقاومة المرجان باللون البني الفاتح أو "التبييض" وهو عملية يفقد بها المرجان الطحالب الصفراء الخضراء المعروف باسم زوكسانتيللا والذي يساهم بنسبة كبيرة من طاقة المرجان الغذائية ويمنحه لونه الجميل. وهذا الوضع يتطور بسرعة نحو الموت إذا استمرت الظروف غير المواتية لفترة طويلة نسبياً بالنسبة لإعادة بناء المرجان لنظاماته الصحية مجددا.
بالإضافة لذلك، تلعب حموضة الماء دورا رئيسياً أيضاً في حالة الصحة العامة للشعاب المرجانية كونها مصدر غذاء أساسي للمكونات المعدنية للعظم الخاص بالمرجان. إذ يساهم انبعاث غازات ثاني أكسيد الكربون المؤكسدة للمياه بطريقة مباشرة وبشكل متزايد بحمضية زيادة بالمحيطات مما يحول دون قدرة المرجان لبناء هيكل عظمي جديد قد تسوء تداعياته حتى يصل الأمر بفقدان كامل للنظام بأكمله. كما تجدر الإشارة أيضا لتحولات أخرى كالثوران البركاني والأحداث الجوية القوية كالمد العالي والجفاف والتلوث الصناعي كل تلك عوامل تساعد جميعها في تحويل شعاب عالمنا الجميلة اليوم إلى كارثة بيئية قادمة إن لم نتخذ إجراءات فعالة وجذرية ضد تغير المناخ حالاً.
وفي الختام، يعد هذا التهديد الحقيقي والمتنامي سببا مقلقا وملحا للمجتمع الدولي لاتخاذ الخطوات اللازمة لخفض الانبعاثات الكربونية واحترام اتفاق باريس لعام ٢٠١٥ بشأن تغيّر المناخ للحفاظ واستدامة الحياة تحت الأمواج والاستمرار بالعيش ضمن توازن طبيعي آمن ومستقر للأجيال المقبلة كذلك قبل الحالي منهم.