ملخص النقاش:
تُعتبر شبكات التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لكثيرٍ من الشباب في العالم العربي. إن هذه المنصات الرقمية التي كانت تُعدّ ذات يوم مجالاً ترفيهياً ومكانًا للتواصل مع الأصدقاء قد أصبحت لها دور محوري في حياة الكثيرين، حيث توفر لهم فرصة لتبادل الأفكار والمعرفة والتفاعل مع الثقافات المختلفة. لكن هل يمكن لهذه المنصات الإيجابية أن تكون سبباً للقلق والتوتر؟ كيف تؤثر استخداماتها المتكررة والساعات الطويلة أمام الشاشات على الصحة النفسية للشباب العرب؟
### التغييرات في العلاقات الاجتماعية قبل ظهور الإنترنت، اعتمد المجتمع العربي إلى حد كبير على اللقاءات الشخصية للحفاظ على الروابط الاجتماعية والثقافة التقليدية. ولكن الآن، تحولت العديد من هذه التفاعلات إلى عالم افتراضي عبر مواقع الانستغرام وتويتر وفيسبوك وغيرها. رغم الفوائد العديدة لوسائل التواصل الاجتماعي مثل زيادة فرص العيش المشترك للأسر المقيمة بعيداً عن بعضهم البعض وبناء مجتمعات افتراضية جديدة، إلا أنها أدت أيضاً إلى تغيير طبيعة العلاقات الإنسانية الحقيقية. يرى بعض الخبراء أن هذا التحول نحو الاعتماد الكبير على الواجهة الافتراضية قد يؤدي إلى شعور بالوحدة والعزلة لدى مستخدميها حتى وإن كانوا متصلين بنطاق واسع ومتفاعلين باستمرار. ### الضغط النفسي: المواقف المثالية مقابل الواقع من أكثر الجوانب المحبطة لاستخدام الشبكات الاجتماعية هو الشعور الدائم بأن الجميع يعيش أفضل نسخة منه؛ صور الأشخاص الذين يبدو حياتهم كمجموعة مثالية من اللحظات الجميلة والممتعة بلا عوائق أو تحديات. وهذا الأمر ليس واقعيا طبعا، ولكنه يساهم في خلق حالة مقارنة غير صحية بين الحياة الحقيقة والحياة المتصورة عبر شاشة الهاتف الذكي. وفقا لدراسة نشرت عام ٢٠٢١ بواسطة جامعة القاهرة، فإن حوالي %٤٥٪ من الشباب المصري يشعرون بالإحباط عند رؤية المحتوى المرتبط بمواقع التواصل لأنهم يقارنون حالتهم الخاصة بهذه الصور المثالية المقدمة منهم. ### تأثير الوقت الذي يقضيه المستخدمين أمام الشاشة الوقت الطويل أمامه الشاشة له آثار خطيرة أيضًا. فقد ثبت علميًا أنه كلما زاد فترة الاستخدام، زادت احتمالات التعرض لمشاكل النوم واضطراب الساعة البيولوجية مما ينتج عنه مشاكل نفسية مختلفة كالتوتر والقلق والإجهاد العقلي المستمر. بالإضافة لذلك، هناك خطر أكبر للإصابة باضطراب الوسواس القهري نتيجة التصفح المكثف وهوس الحصول على المزيد من "الإعجابات" و"المشاركة". كما تشير تقارير منظمة الصحة العالمية أن استعمال الهواتف الذكية لأكثر من ثلاث ساعات يوميا ترتبط بانخفاض ملحوظ في معدلات الثقة بالنفس وتحفيز الذات وقيمتها الذاتية. ### نشر الكراهية والشائعات وأخيراً وليس آخراً، يعد انتشار ظاهرة التنمر الإلكتروني ومنشورات الكراهية أحد أهم المخاطر الناجمة عن استخدام وسائل الإعلام الحديثة خاصة فيما يتعلق بصحة الشباب النفسية. غالبًا ما تتضمن تلك الظروف انتهاكا لحرمة الشخص وانتقاداته اللاذعة للمعتقدات والقضايا السياسية والدينية والتي تجد طريقها نحو دوامة العنف والكراهية داخل أروقة الفضاء الإلكتروني وقد تمتد أثاره لهذا العالم الخارجي أيضا.