في عالم التكنولوجيا الرقمية الحالي، أصبحنا نشهد انتشاراً واسعاً لإعلانات تنشر صور أفراد تُتهم بسرقة أو نصب، غالباً عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي كثير من الأحيان، يتم تشجيع الجمهور على مشاركة هذه الصور لمساعدة الآخرين على تجنب الضرر المحتمل. ولكن هل هذا التصرف مشروع وفق الشريعة الإسلامية؟
الإجابة بكل بساطة هي **لا**. الإسلام يحمي حقوق الأفراد، بما في ذلك حقهم في اسم حسن وكرامة شخصية. إن اتهام شخص ما بجريمة خطيرة كالسرقة أو النصب دون وجود بينة شرعية كافية يعد أمراً محظوراً. حتى ولو كانت هناك شكوك حول سلوك الفرد، فإن نشر معلومات مكذوبة يمكن أن يؤدي إلى ضرر جسيم ومستمر لهذا الشخص وعائلته.
البينة الشرعية هنا تعني الأدلة التي تقبل بها المحاكم والقضاة المسلمين، والتي تعتبر حجة قانونية وقرار نهائي. مثال على ذلك: رؤية رجلين مسلمين للسارق أثناء اقترافه للجريمة أو الاعتراف القانوني الذي أثبت صحته أمام السلطات المختصة. أما مجرد ادعاءات مجهولة المصدر أو التحقق منها بشكل فردي فهو أمر غير مقبول دينياً.
من المهم أيضاً أن نتذكر الحديث القدسي الذي رواه البخاري ومسلم حيث يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليَمين على المدعى عليه". وهذا يعني أنه عندما يدعي شخص شيئًا ضد آخر، فإن عبء الإثبات يقع على الدعوى نفسها.
كما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتهام بريء ونشر خبر غير مؤكد، قائلاً: "ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال"، أي أن الكاذب سيكون مهدداً بعقاب شديد يوم القيامة بسبب كلامه الزائف.
لذلك، سواء كنت المعلن الأصلي لهذه المعلومات أو أحد المشتركين الذين يقومون بإعادة النشر، فأنت تحمل مسؤوليات كبيرة تجاه سلامة وكرامة الغير. يجب عدم الانقياد للاعتقادات العامة أو الادعاءات الشخصية دون تأكيد رسمي وحكم قضائي واضح. دور الحكومة والجهات الأمنية هو مهمة البحث والمراقبة والحفاظ على النظام العام والأمان للأبرياء. بالتالي، ترك الأمور لخبراء العدالة يساعد الجميع على التقليل من حدوث الظلم وخلق بيئة اجتماعية أفضل.