تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل: فرص التغيير أو مخاطر الاندثار؟

تحولت تقنية الذكاء الاصطناعي (AI) خلال العقود الأخيرة إلى قوة محركة لكل القطاعات الصناعية والاقتصاديات العالمية. هذه التقنيات المتقدمة التي تتيح للمحر

  • صاحب المنشور: زاكري القبائلي

    ملخص النقاش:
    تحولت تقنية الذكاء الاصطناعي (AI) خلال العقود الأخيرة إلى قوة محركة لكل القطاعات الصناعية والاقتصاديات العالمية. هذه التقنيات المتقدمة التي تتيح للمحركات الرقمية التعلم والتكيف والاستجابة بطرق تشبه البشر، لها تأثيرات كبيرة ومستمرة على طبيعة الوظائف وتكوين القوى العاملة حول العالم. يتناول هذا التحليل العميق التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على سوق العمل.

من جهة، يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يشكل فرصة هائلة لتحديث العمليات وتحسين الكفاءة والإنتاجية. فهو قادر على أداء المهام الروتينية بمعدلات عالية الدقة وفي زمن قصير مما يمكن من تحرير الوقت والموارد البشرية لاستخدامها في مجالات أكثر تعقيدا وإبداعا تتطلب مهارات بشرية فريدة مثل حل المشاكل الإبداعي، واتخاذ القرار المعقد، والتفاعل الاجتماعي العاطفي. بالإضافة لذلك، يسمح الذكاء الاصطناعي بتوفير خدمات شخصية أفضل للعملاء عبر تحليله للمدخلات وتوقع الاحتياجات المستقبلية بناء عليها. وبالتالي، قد يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على وظائف جديدة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي نفسه كمهندسي ذكاء اصطناعي ومتخصصي بيانات وأمن معلومات وإنترنت الأشياء (IoT).

إلا أنه ثمة اعتراضات كبيرة أيضا بشأن الأثر السلبي الذي يمكن أن يحدثه الذكاء الاصطناعي على سوق العمل. حيث يُخشى بأن الآلات المدربة جيداً قد تستوعب العديد من الوظائف الحالية وبأعداد أكبر بكثير مقارنة بالأيدي العاملة البشريّة. وهذا يعني فقدان الكثير من الأشخاص لوظائفهم بسبب استبدالهم بأتمتة تعمل بالذكاء الاصطناعي خاصة تلك المرتبطة بالمهام المنخفضة المهارة والتي تتميز بالإجراءات الموحدة والقواعد الثابتة. كما ينذر الأمر بإحداث تغيير جذري في طلب السوق لمختلف الدرجات العلمية والمعرفة العملية مما سيؤدي بالتالي إلى انخفاض نسبة البطالة بين حملة الشهادات الجامعية بينما ترتفع بين خريجي المدارس الثانوية وغيرهم ممن يعملون في مجال الخدمات اللوجيستيكية والبناء والصناعة الثقيلة - وهي المجالات المعتادة نسبياً للأتمتة التكنولوجية الجديدة ذات القدرة الاستيعابية الواسعة نسبيًا للتطبيقات الأولى لآبار المعلومات الضخمة المدربة بواسطة الشبكات العصبونية الغامضة غير الخطية الحديثة.

ورغم أهميتها القصوى، إلا أنها تبقى موضوع نقاش متجددا باستمرار نظراً لأوجه عدم اليقين العديدة المحيطة بها سواء فيما يتعلق بمدى دقتها وقدرتها التطبيقية الفعلية أم مدى سرعة انتشارها المنتظر عالميًا وما إذا كانت ستكون فعالة بدرجة كافية لإحداث تغييرات واسعة وكبيرة بهذا الحجم امْ ستقتصر آثارُــها ضمن حدود ضيقة كمجرد آلية مساعدة داعمة لنظم إدارة الأعمال الحالية بغض النظر إن كانت مجتمعتنا جاهزة نفسيًا واجتماعيا واستراتيجيًا لتحويل هياكل اقتصاداتها المحلية نحو المزيد من الاعتماد على تكنولوجيا مستقبليَّة مبتكرة كهذه! فالقضية إذن هي قضية فهم شامل وفلسفته وهويتها النهائية وليس مجرد تطبيق بلا تفكير عميق لما هو مطروح الآن أمام الجميع بلا تجاذبات فلسفية ولا اعتبارات اجتماعية بعيدة المدى....


طارق بن شريف

10 مدونة المشاركات

التعليقات