- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
### تحولات اقتصادية غير متوازنة: تحديات وآفاق الاقتصاد العالمي بعد جائحة كوفيد-19
شهد العالم منذ بداية عام 2020 موجة غير مسبوقة من الاضطرابات بسبب جائحة كوفيد-19. هذه الجائحة لم تؤثر على الصحة العامة فحسب، بل أثرت أيضاً بصورة عميقة على الأوضاع الاقتصادية العالمية. بدأ الانتعاش الاقتصادي الأولي يتلاشى مع تعمق التحديات المتعددة التي تواجهها الدول المختلفة. إن عدم التوازن الحاصل في التعافي الاقتصادي بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة هو أمر ملفت للانتباه ويحتاج إلى دراسة وتحليل معمق.
بعد فترة شديدة من القلق والتراجع، بدأت بعض الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية في التحرك نحو مرحلة الانتعاش البطيء. هذا الانتعاش مدفوع جزئياً بالدعم الحكومي الكبير والاستثمار في التقنيات الجديدة، خاصة تلك المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية. لكن، بينما تتجاوز بعض هذه البلدان نقاط الخسارة المؤقتة وتستعيد جزءاً من زخمها الاقتصادي السابق، فإن الكثير من البلدان الأخرى -وخاصة تلك ذات الدخل المنخفض والمتوسط- تكافح من أجل تحقيق أي انتعاش palpable.
أدى توزيع لقاحات كوفيد-19 وغير المستوي بطريقة عادلة حول العالم إلى تفاقم هذه الفجوة. البلدان الغنية لديها القدرة المالية لشراء اللقاحات بمبالغ كبيرة، مما أدى إلى زيادة معدلات تطعيم مواطنيها وبالتالي إعادة فتح اقتصاداتها بوتيرة أكثر سرعة. أما البلدان الفقيرة فهي غالباً ما تنتظر دورها أو تعتمد على برامج التبرعات الدولية لإتاحة الوصول للقاحات، الأمر الذي يستغرق وقتاً طويلاً وقد يقترن بتضخم الأسعار المحلية بسبب الطلب المرتفع والدوائر التجارية المضطربة.
بالإضافة لذلك، هناك قضايا طويلة المدى تحتاج إلى النظر إليها بعناية أكبر. أحد أهم الأمثلة هنا هي ديون البلدان الفقيرة المتزايدة. العديد من هذه البلدان كانت بالفعل تحت وطأة الديون قبل ظهور الوباء؛ الآن، تُقدر خسائرهم الاقتصادية الناجمة عن الجائحة بحوالي $8.6 تريليون دولار أمريكي حتى نهاية العام الماضي حسب تقديرات صندوق النقد الدولي. وهذا يعني أنه سيكون عليها دفع المزيد لتغطية نفقاتها اليومية، وهو الوضع الذي قد يجعل الاستقرار الاقتصادي أمراً مستحيلاً بالنسبة لها.
التحول الآخر الذي يستحق التركيز عليه هو تأثير الجائحة على سوق العمل. شهدنا كارثة فقدان الوظائف عالمياً خلال ذروة الإغلاق الصحي. ولكن عندما أعادت بعض المناطق تشغيل أعمالها تدريجياً، حدث ما يُسمى "ثقب الوظائف" حيث اختفى عدد كبير من الأدوار الوظيفية التي اعتادت أن تكون موجودة سابقاً ولم يتم استبدالها بأخرى جديدة. هذا ثقب العمالة ليس فحسب مشكلة للأفراد الذين فقدوا وظائفهم، ولكنه أيضا يعيق النمو الاقتصادي العام لأن العمال المخاطرين بفقدان وظائفهم لن يكونوا راغبين بالمخاطرة بالإنتاج الجديد.
وفي النهاية، وعلى الرغم من كل العقبات، هناك فرص للتعلم منها ومن ثم خلق بيئة أفضل للمستقبل. يمكن استخدام الدروس المستقاة لتحسين المرونة الاقتصادية عبر بناء سياسات حكومية أقوى وقواعد تنظيمية أكثر مرونة وأنظمة دعم اجتماعي أقوى. كما توفر جائحة كوفيد-19 فرصة للدول للعمل بشكل جماعي لتنفيذ حلول فعالة ومبتكرة للتحديات المشتركة. وفي حين أنها فشلتنا جميعًا فيما يتعلق بالصحة والعلاقات الشخصية، إلا إنها ربما نجحت في جعَل