تأثير الوباء على الاقتصاد العالمي: تحديات وممكنات التعافي

في ظل جائحة كوفيد-19 العالمية، تواجه الاقتصادات حول العالم مجموعة معقدة ومتنوعة من التحديات. حيث كان لهذه الجائحة تأثيرات مباشرة وغير مباشرة عميقة أثر

  • صاحب المنشور: فدوى الدمشقي

    ملخص النقاش:
    في ظل جائحة كوفيد-19 العالمية، تواجه الاقتصادات حول العالم مجموعة معقدة ومتنوعة من التحديات. حيث كان لهذه الجائحة تأثيرات مباشرة وغير مباشرة عميقة أثرت على مختلف القطاعات مثل الصحة العامة والتعليم والنقل والسياحة والتجارة الدولية. ومن أبرز هذه الآثار:

تراجع النمو الاقتصادي عالمياً

أدت قيود الإغلاق والحجر الصحي إلى انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي. فقد توقفت العديد من الشركات الصغيرة والكبيرة عن العمل مؤقتًا أو بشكل دائم بسبب انعدام الطلب وانقطاع سلاسل التوريد. وفقًا لصندوق النقد الدولي، يتوقع أن ينخفض ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المتقدمة بنسبة %6.6 هذا العام وهو أكبر انكماش منذ الكساد الكبير الذي حدث بين الحربين العالميتين الأوليين. كما يشهد البلدان النامية نفس الاتجاه لكن بمعدلات أقل حدة نظراً لمرونتها وقدرتها الأكبر للتكيف.

زيادة البطالة وفقدان الوظائف

لقد أدى وباء فيروس كورونا إلى خسائر فادحة في سوق العمل، خاصة بالنسبة للعاملين غير الرسميين والعاملين ذوي المهارات المنخفضة. وقد تضررت قطاعات كالترفيه والسياحة والمطاعم بصورة كبيرة نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومات لمنع انتشار الفيروس. ويقدر صندوق المعونة الفنية لإعادة الهيكلة والخروج من الأزمات أنه قد يفقد أكثر من 245 مليون شخص وظائفهم المؤقتة. وهذا الأمر له عواقب طويلة المدى على اقتصاد الدول وتوزيع الدخل لديها.

اضطراب سلاسل التوريد العالمية

إن تعطل الحركة التجارية عبر الحدود جعلت عمليات التزويد بالمواد الخام والإمدادات الأساسية تصبح أقل موثوقية وأكثر تكلفة بكثير مما كانت عليه سابقاً. فعلى سبيل المثال، واجهت الصين –أكبر مصنع للأجهزة الإلكترونية والأدوية في العالم- نقصا حادا في العمالة أثناء فترة تفشي المرض مما أثر بشكل مباشر على قدرتها على خدمة طلباتها الخارجية. وفي المقابل، شهدت بعض دول جنوب شرق آسيا ارتفاع طفيف في حجم صادراتها الغذائية واستفادت منها نسبياً مقارنة بالمناطق الأخرى المتضررة بشدة من القيود المفروضة عليها وعلى منافذ تصديرها الرئيسية.

التحول نحو الاقتصاد الرقمي

إحدى الحقائق الملحوظة خلال أزمة كوفيد-19 هي التسارع الكبير لتحويل الأعمال التجارية نحو البيئة الرقمية كتكتيك حيوي والبقاء ضمن نطاق المنافسة. فرض العزل المجتمعي نمط حياة جديد تماما دفع الكثيرين لاستخدام الإنترنت لأداء أغراض شراء احتياجاتهم اليومية وكذلك التواصل الاجتماعي بطرق مبتكرة باستخدام الشبكات الاجتماعية المختلفة لتبادل المعلومات والمعارف وتعزيز الروابط الشخصية حتى أنها شكلت مصدر إلهام لمستثمري رأس المال المخاطر الذين وجدوا فرصا جديدة لجذب المستثمرين لرؤوس أموالهم عبر تقديم منتجات رقمية متنوعة تتوافق واحتياجات المستهلك الجديد الناشئ بعد اجتياز مرحلة الذعر المبكر لهذا العصر الوبائي الحالي.

وفي النهاية، فإن التعافي من آثار جائحة كوفيد-19 سيكون عملية متعددة الخطوات وستحتاج وقتًا طويلاً لنصل إليها ولكن هناك رسائل مفيدة يمكن استخلاصها من هذه التجربة مثل أهمية المرونة والاستعداد والاستجابة للكوارث الطبيعية المحتملة مستقبلًا أيضًا بالإضافة لتدعيم القدرات الوطنية المؤسسية والقوى البشرية ذات الخبرة الواسعة لحماية الشعوب والدفع بها نحو آفاق مزدهرة تحت ظروف غاية بالإشكالية والتي لن تعرف لها نهاية حالياً إلا ببداية لقاح فعال يضمن الحد من نشر العدوى وعلاج المصابين بذلك فتحرر العالم مجددًا ويتماثل للشفاء ويعود لبناء مجتمع أفضل معزز بخبرات الماضي وبمناعة أقوى ضد محنته الجديدة!


عبد الغني بن عطية

5 مدونة المشاركات

التعليقات