#أنتميامصريين
جُملة اشتُهِرَ بها #السيسي، وكثيرا ما رددها على مسامعنا، وعلى قدر عفوية الجملة كعادة مجمل كلامه، و الذي يبدو أنه يتلفظ به دون أن يعبر على جزء التفكير لديه -لمشاكل ربما في هذا الجزء- على قدر الغرابة الشديدة للجملة، فالسيسي من المفترض أنه مصري ويعيش على أرض مصر ويحكم مصريين، فلم هو بحاجة أن يذكرهم دائما بمصريتهم، بل ويناديهم بها؟!
في اللغة العربية، أساليب النداء بالجنسية أو الديانة تقتضي المغايرة، بمعنى لا يناديك بجنسيتك إلا صاحب جنسية اخري
كما لم يعتد الشعب على مخاطبته بتلك الجملة من أي حاكم مصري، مر عليه، عبر التاريخ الحديث
فإما أن يخاطبهم : أيها الإخوة ..أو أيها المواطنون ..أو أيها الشعب العظيم
لكن أن ينادي حاكم مصري، أفراد شعبه، بقوله:
أنتم يا مصريين، ويستفتح بها كل عباراته، أمر لم نره من قبل
شخص واحد فقط يعي تلك الجملة جيدا، ويسمعها دائما ممن حوله، ألا وهو المصري المغترب
مع كل مناسبة يرغب فيها أصحاب الجنسيات الأخرى بـمعايرته أو توجيه اللوم أو الانتقاد إليه.
ولأن #السيسي وُلِدَ في #مصر ولم يتغرب عنها ، فنحن أمام احتمالين، إما أن تكون نشأته في حارة اليهود جعلته يتوحد مع ابناء حارته وأصدقاء طفولته، ليشعر بعدها بالغربة عن مصر والمصريين خاصة عقب طردهم وترحيلهم منها، أو أن أحد والديه ليس مصريا (والدته مثلا) ، وكانت تداوم على مخاطبة أبيه ومن حولها بالقول "أنتم يا مصريين"
وما يجعلنا نفترض ذلك الاحتمال، هو ما جاء بموقع cnn الأمريكي، في تعريفه للسيسي، حيث ذكر الموقع أن والدته تدعى "مليكة تيتاني" قبل أن تقوم جهة ما بتعديله في يوليو 2014 وتحوله إلى "سعاد محمد"
و"مليكة تيتاني" هو الاسم الذي أقرته صحيفة "فيترانس" العسكرية الأمريكية، وأوضحوا أنها مغربية يهودية عاشت في مصر
وديانة الأم هي المسوغ الوحيد لجعل والد السيسي يأتي من المنوفية إلى القاهرة ويسكن تحديدا في حارة اليهود، كما أن تعديل موقع شهير لاسم والدة مسئول كبير، في دولة ما، هو أمر يدعونا للتوقف عنده، فلا يمكن أن ينتج ذلك عن التباس مثلا، أو تشابه في الأسماء، كما أنه لا يمكن أن يكون خطأ، وتم التغاضي عنه، لأنه بحق أعلى مسئول في البلاد!!!
وإذا أردت التأكد بنفسك، يمكنك الدخول على أرشيف الموقع قبل يوليو 2014، لترى الاسم قبل التعديل
https://t.co/GxC0o9gmhD
وسواء كانت أصوله مصرية أو غير ذلك، ما فعله السيسي في البلاد، ووصفه كل الخبراء والمحللين ومنها صحيفة الإيكونوميست البريطانية في أغسطس 2016 بأنه حملة متعمدة لتخريب مصر تدفعنا دفعا للتشكيك في مصريته،
جميع الحكام الفسدة الذين مروا على مصر عبر التاريخ ، وحتى المحتلين والعملاء والمأجورين لم يمتد إفسادهم وتخريبهم لأصول الدولة ، ولا لأراضيها ولا ممتلكاتها ، جميعهم شوهوا الحاضر، لكن لم يدمروا المستقبل
السيسي هو الوحيد الذي لم يكتف بتخريب البلاد بل بمحوها محوا ..
ومع كل خطبة للسيسي، وبعد محاولات مضنية لفك طلاسمه وترجمة مفرداته ، وتجميع جمله، وإستيعاب هذيانه ، نجد خطابا مباشرا إلى الشعب المصري، يدعوهم فيه للتحمل والصبر على الجوع والعطش وحتى عدم النوم ، "نجوع اه ما نجوع ..منامش اه منامش"
أو توجيه تهديدات صريحة "انتم فاكرني هسيبها ...أنتم متعرفونيش..اسألوا عليا في الجيش" ، أو توجيه اللوم والانتقاد : "أنتم حاجة صعبة أوي، أنتو إزاي كده.... إلخ "
فمن يقصد السيسي بكلامه هذا ، خاصة وأن هناك فئات معينة يحرص دوما على الحديث معها بخطاب منفصل ويفرد لها وصفا خاصا مثل الجيش ، والشرطة والقضاء - بل ويجتمع معهم ومع قياداتهم ويحضر بشكل دوري أعيادهم ومناسباتهم-
وفضلا عن هذا ، يسعى بشكل ملفت لاسترضاءهم، من خلال زيادات مستمرة ومحمومة للرواتب واستثناءات وإعفاءات من الضرائب ، ومزايا لا يحصل عليها غيرهم ، " الأعلى في الأجور ، أماكن خاصة للسكن والترفيه والتعليم وكذلك العلاج "شقق فاخرة ، نوادي خاصة ومستشفيات محددة"
فلا يمكن أن يفهم ، أنه يقصد هؤلاء بالكلام ،
فالمخاطبين إذن بقوله أنتم يا مصريين.. والمطالبين بتحمل شظف العيش من أجل أن تحيا مصر -على حد قوله- ،هم الشعب .. هم أنا وأنت والطبيب والمدرس والمهندس والعامل وست البيت" جميع فئات الشعب المصري فيما عدا الثلاث السابقين،
وطالما أن مصر في نظر السيسي ليست شعبها، كما أنها أيضا ليست الأرض التي باعها ، ولا النيل الذي فرط فيه ، ولا الماضي الذي دمره ولا الحاضر الذي شوهه، ولا حتى الهوية التي يحاربها -الدين الإسلامي- ولا الانتماء والجنسية -والتي عرضها أيضا للبيع- ، كما أنها بالطبع لن تكون المباني ولا الرمال ولا الأشجار والطرقات ، فما دخل هؤلاء بجوعنا أو عطشنا؟!
إذن مصر في نظر السيسي هم هؤلاء، هي تلك الفئات التي ينتمي لأحدها : الجيش والشرطة والقضاء،
#مصر بالنسبة له هي نفسه وحاشيته والفئات المعاونة له ، هي السلطة والحكم "اللي هيقرب من مصر هشيله من على وش الأرض" هكذا قال في واحدة من خطبه
السيسي يطالبنا جميعا أن نضحي بأنفسنا، بل بابنائنا وأحفادنا.. من أجل أن يعيش هو وأفراد حكمه
فلا معنى إذن لعبارته #تحيا_مصر ..التي صدعنا بها هو وإعلامه، فمع السيسي لا توجد دولة ولا توجد حياة
(هذا المقال نُشر أول مرة في نهاية عام 2016)
بقلم #شرين_عرفة
كتب لي أحد القراء:
أخيرا وجدت أحدا يعلق على جملة السيسي"أنتم يا مصريين" ويفسرها ... لكنه متأخر جدا
فأحببت أن أقول له:
أنا لم أتأخر أبدا
وكنت أول من كتب في مصر والعالم العربي عن جاسوسية السيسي، ولي مقال منشور بتاريخ مارس 2014 بعنوان "جاسوس كاد أن يصل إلى الحكم" قلت فيه صراحة أن السيسي هو النسخة الحديثة من "إيلي كوهين" أو كامل أمين ثابت" في سوريا ..وكتابات أخرى قبل هذا التاريخ ..نُشرت بعد أسابيع من الانقلاب، لكن لم تحفظها مواقع التواصل، بسبب غلق الصفحات المتكرر الذي كنت اتعرض له...
وهذا المقال الذي يوضح تفسير عبارة "أنتم يا مصريين" نشر أول مرة في أغسطس 2016 ، يعني منذ 7 سنوات ...
أنا لم أتأخر.. لكن حضرتك من تعرفت على كتاباتي متأخرا ...
والسبب في ذلك، للأسف...أن كتاباتي لم تنتشر بالقدر الكافي، وعقب إغلاق موقع كلمتي، الذي كنت أنشر به، تم مسح الأرشيف بالكامل، فضاع معه جهد خمس سنوات كاملة، من مقالات وتقارير وتحقيقات ...لكن قدر الله وما شاء فعل
بحثت عن مقال "أنتم يا مصريين" ..فلم أجده على مواقع إخبارية، لكني حصلت عليه بموقع فيس بوك، وبه يظهر بوضوح تاريخ النشر ?