هل يُمكن للمؤمن أن يُحسن الظن بالله ويخشى مكره؟ رحلة بين الحديث القدسي وقول عمر بن الخطاب

التعليقات · 0 مشاهدات

في هذا المقال، سنتناول موضوعاً دقيقاً يشغل تفكير العديد من المسلمين، وهو علاقة حسن الظن بالله بالمكروه المحتمل منه. بناءً على حديث نبوي شريف ورد في صح

في هذا المقال، سنتناول موضوعاً دقيقاً يشغل تفكير العديد من المسلمين، وهو علاقة حسن الظن بالله بالمكروه المحتمل منه. بناءً على حديث نبوي شريف ورد في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن "الله يقول: أنا عند ظن عبادي بي". وهذا يعني أن الله تعالى سيجازي المؤمن حسب توقعاته الإيجابية منه سبحانه وتعالى. ومع ذلك، فإن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشهير "لو أكدت قدم واحدة في الجنة وأخرى خارجهما لما استبعدت مكر الله" يوحي بشيء مختلف بعض الشيء. كيف يمكن الجمع بين هاتين القولتين المتناقضتين بشكل ظاهري؟

حسنا الظن بالله هو شعور أساسي يجب أن يتمتع به كل مؤمن حقيقي. إنه أساس الثقة والإيمان الراسخ الذي يقود إلى فعل الخيرات وطاعة أوامر الله عز وجل. وهو أيضاً سلاح ضد اليأس والقنوط. ولكن الأمر لا يعني التغاضي عن احتمال حدوث مكائد الشيطان أو مواقف معينة قد تبدو غير متناسقة مع نظرتنا للإله الرحيم والعادل.

أوضح عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الفكرة عندما عبر عن خوفه من مكر الله رغم إيمانه بأنه سيكون في الجنة بإذن الله. يعكس كلامه تقديره العميق لقدرة الله وسلطته التي تتعدى مجرد فهم البشر وتوقعاتهم. إن خشيته ليست تشكيكاً في وعد الله بجنة عالية، ولكنه إدراك لحقيقة أنه حتى أفضل المؤمنين معرضون للتحديات والاختبارات.

إذاً، بينما يجسد الحديث القدسي طبيعة محبة وحنان الله تجاه عباده المجتهدين، يساهم رأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إبراز الجانب الآخر للقوة الإلهية والحكمة. لا يناقض أحدهما الآخر؛ فالهدف النهائي لكل مسلم هو الوصول للجنة والفوز برضا الرب الأقدس. ولعل مفتاح الوصول لهذا الرضا يكمن في توازن بين حسن الظن والتضرع الدائم لتجنب المكاره واحتمالات الانحراف عن الطريق المستقيم.

التعليقات