- صاحب المنشور: ساجدة بن سليمان
ملخص النقاش:
في ظل ثورة المعلومات والتكنولوجيا الحديثة، أصبح التحول نحو التعليم الرقمي ضرورة ملحة في العديد من البلدان حول العالم. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديداً، تمتلك هذه الخطوة القدرة على معالجة تحديات كبيرة تواجه النظام التعليمي التقليدي مثل الوصول إلى التعليم النوعي، خاصة في المناطق النائية، وتكاليف الرسوم الدراسية المرتفعة، وقضايا الكثافة الطلابية العالية في الصفوف الدراسية. ولكن هذا التحول يأتي أيضًا مصحوبًا بتحديات غير مسبوقة تتعلق بالاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية، الحفاظ على الخصوصية والأمان للمعلومات الشخصية للمتعلمين، ومقاومة بعض الأفراد أو المجتمعات للتغيير الثقافي والفكري الذي قد يحدث نتيجة لهذا الانتقال.
أولى الفرص الرئيسية التي تقدمها الوسائل الإلكترونية هي زيادة سهولة الحصول على المعرفة، حيث يمكن للطالب الوصول للموارد التعلمية المختلفة عبر الإنترنت وعلى مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بغض النظر عن موقعه الجغرافي أو وضعه الاقتصادي. بالإضافة لذلك، تتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تطوير أدوات تعليم أكثر ذكاءً وتخصيصًا لكل طالب بناءً على مستوى فهمه واحتياجاته الفردية. كما تشمل الفرص الأخرى تحسين التواصل بين المعلّمين والمتعلمين خارج بيئة الفصل الدراسي التقليدية مما يساهم في دعم عملية التعلم باستمرار وبشكل فعال.
غير أنه هناك عدة عقبات محتملة عند تبني التعليم الرقمي. أحد أكبر العقبات هو عدم المساواة في الوصول إلى الخدمات الإليكترونية بسبب الاختلاف الواسع في مستويات الدخل والثروة داخل الدول العربية. وهذا يعني أنه بينما يستطيع بعض طلاب الطبقات الأعلى اقتصادياً الاستفادة القصوى من موارد التعليم المتاحة عبر الإنترنت، فإن آخرين لن يتمكنوا حتى من شراء الأدوات اللازمة كالحاسب الشخصي أو الانترنت عالي السرعة. وقد يؤدي ذلك إلى توسيع الثغرات الموجودة أصلاً بين الطلاب المحظوظين وغيرهم ممن يفتقرون إلى تلك الموارد الأساسية لتسهيل العملية التعلمية.
كما طرحت القضية الأخلاقية بشأن الخصوصية وأمن البيانات جوانبا خطيرا أيضا. فمع نمو كميات هائلة من المعلومات عبر شبكة الإنترنت، تصبح أهمية حماية خصوصية الطلبة واتخاذ تدابير الأمن المناسبة أمورا بالغة الحساسية. وعليه، يتطلب الأمر وضع قوانين ولوائح تنظيمية قوية لحماية حقوق الطلبة أثناء استخدام الوسائط الإليكترونية في مجال التربية والتعليم.
وفي النهاية، يبدو واضح أنها ليست مجرد استراتيجية موضع نقاش بالنسبة للدول العربية؛ بل هي اتجاه محدد لابد منه ضمن أجندتها المستقبلية لتحقيق رؤية شاملة للإصلاح التعليمي الشامل والمستدام. ومن المؤكد أن تجاوز الصعوبات المحتملة سيفتح الباب أمام عالم جديد بالإمكانيات الرائدة ليس فقط لإحداث تغييرات جذرية في قطاع التعليم نفسه، ولكنه أيضاً سيدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية للأمة بأسرها. لذا سيكون التركيز على حل المشاكل الحالية واستغلال جميع المزايا المطروحة أمر حيوي لبناء نظام تربوي عصري قادر على مواجهة تحديات اليوم وغدٍ أفضل لأجيال الغد