ربما لم تنتشر كلمة في هذا العصر كانتشار كلمة الحقوق، وهي كلمة لم تنتشر في أي عصر آخر كانتشارها في

ربما لم تنتشر كلمة في هذا العصر كانتشار كلمة "الحقوق"، وهي كلمة لم تنتشر في أي عصر آخر كانتشارها في هذا العصر..ومع كثرة دورانها وتداولها انحطت دلالتها

ربما لم تنتشر كلمة في هذا العصر كانتشار كلمة "الحقوق"، وهي كلمة لم تنتشر في أي عصر آخر كانتشارها في هذا العصر..ومع كثرة دورانها وتداولها انحطت دلالتها، حتى أصبحت تستعمل في بعض السياقات في دنيّات الأمور وسفاسفها، بعد أن كانت تستعمل في أشرف الأمور وأنبلها

وهذا الانحطاط في دلالة "الحقوق" ناتج في المقام الأول من ارتباطها بفلسفة فردانية أنانية، تفصل الإنسان عن غيره، وتجعله يقصر الحقوق على نفسه دون سواه، فيطالب بما له، أو بما يتوهم مجرد توهم أنه له، وينسى ما عليه. وهذا في حقيقته مخالف لمدلول "الحقوق" ومعناها

فمن معاني "الحق" في العربية ما يكون على الإنسان من واجب تجاه الآخرين، والفرد في غمار المجتمع أحد الآخرين بالنسبة لغيره، فله عليهم مثل ما لهم عليك، وهكذا يكون الحق في العربية متناولا ما للمرء وما عليه. وإن كان تناوله لما هو عليه أولى وأحق، وبهذا المعنى كان النبلاء يفهمون كلمة "حق"

ومن ذلك قول عروة بن الورد، الذي سمي لنبله عروة الصعاليك، لآخر من بني قومه:

أتهزأ مني أنْ سمِنتَ وأن ترى / بوجهي شحوب الحق، والحق جاهد.

وإني امرؤ عافي إنائي شِركة / وأنت امرؤ عافي إناءك واحد.

أقسّم جسمي في جسوم كثيرة / وأحسو قراح الماء والماء بارد.

فارجع وتأمل قوله: (والحق جاهد)

ومن ذلك أيضا قول عربي آخر من أهل المروءة والكرم:

هلا سألْتِ وخُبْر قوم عندهم / وشفاء غيّك خابرا أن تسألي.

هل نكرم الأضياف إن نزلوا بنا / ونسود بالمعروف غير تنحّل.

وإذا الحَمَالة أثقلت حمّالها / فعلى سوائمنا ثقيل المَحْمَلِ.

ونُحِقّ في أموالنا لحليفنا / حقا يبوء به وإنْ لم يَسأل.


الغزواني بناني

8 مدونة المشاركات

التعليقات