وسألني بعضهم يوما: لماذا لم تصبح رجل أعمال على الرغم من علاقاتك الاجتماعية، وأنت مخضرم؟
والجواب على هذا فيه إجمال وتفصيل.
ففي الإجمال بعد قدر الله،كل ميسر لما خلق له.
وأما التفصيل فجربت مع أشقائي بيع بعض المستهلكات على الطلبة، نافسنا بها مقصف المدرسة ببيع السندويتشات والزجاجات الغازية.
وعلى الرغم من عدم مشروعية الفكرة، إلا أننا كسرنا احتكاره وأضفنا للمشروع أنواع أخرى من الساندويتشات غير الجبن والبيض، أدخلنا زبدة الفول السوداني!
فخف الضغط على المقصف، واشتكانا صاحبه للإدارة.
والمذهل في الأمر أن المدير آنذاك، الشيخ محمد بن سنان رحمه الله دعمنا في تلك الفكرة. ربما لأننا كنا أيتاما.
ثم تطور الأمر عقب هذا المشروع الناجح، إلى بيع الشرّابات ومقصات الأظافر واللبان بإشارات المرور.
وذات يوم طلب مني قائد مركبة تجربة مقص أظافر، ولما أعطيته إياه أغلق نافذته وانطلق دون أن يدفع الثمن، على الرغم من كونها فارهة!
كان هذا هو اللقاء الأول مع لص ثري يسرق مقصات الأظافر من المكافحين أمثالي. نجح المشروع ولم نستمر فيه طويلا.
كما جربت بيع عملة نقدية أثرية، عثرت عليها بمزرعة جدتي يرحمها الله.
اشتراها مني صديق بحوالي مئة ريال وكنت بالمرحلة المتوسطة. كانت صفقة ناجحة، ولكن هذه القطع لاتتوفر دائما.
غامرنا بمبلغ مالي واشترينا كمية من ملابس الأطفال، ثم شرعنا في بيعها قرب إحدى الجوامع عند حديقة الحيوان بالملز.
فشل المشروع بجدارة، واقتسمنا الملابس مع الشركاء.
أوهم أحدهم شقيقي الأوسط، بأن الطاقيات المذهبة لها سوق رائج وعليها إقبال شديد، ابتاع كمية لا بأس بها وعرضها فوق طاولة قرب المسجد.
لم يشتري أي عاقل تلك الطواقي الدخيلة، سخر الشريك منه، وقال البس كل يوم طاقية، حتى تأتي عليها كلها.
عملت في توصيل الركاب بواسطة مركبة شقيقي بريالين للشخص الواحد، أيا كان مكانه!
استخدمت موارد المشاوير للشراء من بوفية الكروان بسلطانة، شاورما وعصير.
كنت فاشلا بالتسويق، وخائبا بمجال البيع تماما.
لكن ولأني صحوي على استحياء في تلك الحقبة، شرعت في القراءة على الممسوسين والمجاذيب والمعاتيه بلا مقابل.
ولأن الناس تحسن بي الظن وما زالت، كانوا يجودون علي ببعض الدراهم، فكنت أقبلها على استحياء شديد، ولم أفكر يوما أن أطلب قيمة الرقية، بل كنت أحتسبها لشدة زهدي وانقطاعي عن الدنيا.
غالبية الذين رقيتهم إما توفوا، أو لم يفيقوا من الغيبوبة أو بقوا على جنونهم!
كان شعاري: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل.
وهي فكرة لا بأس بها، لكنها تحولك إلى صوفي وسط منهاتن!
نتائجها كارثية على المدى البعيد، إذ قد تحتاج إلى ما يصون الوجه عن مد اليد للمتأففين!
ويشاء الله تعالى أن أقابل حيوانا في إهاب بشري، أقنعني بحرمة الدراسة، وكانت نقطة الارتكاز في هذا الرأي، أن الدراسة تحتاج إلى صورة، والصورة محرمة لغير ضرورة!
بالإضافة إلى أن مناهج الدراسة تضم بعض الأفكار المشبوهة.
كقولهم إن المادة لا تفنى ولا تستحدث من العدم!
وأحمد الله تعالى أنني لم أعتنق الفكرة، مع أنها لامست شيئا من الزهد المتجذر.
تعثرت دراسيا بفعل المرض ومماشاة البطالين من مرتزقة التصوف! تخرجت في سن الأربعين، وعاصرت خمسة من مدراء الجامعة، ولو شديت حيلي، لكنت عميدا للدينصورات.
سلبت لبي فكرة الهجرة إلى بروناي، وانتشرت شائعات بأن سكان تلك الجزيرة يأكلون في صحاف من الذهب والفضة!
وعلى الرغم من حداثة سننا، إلا أننا ناقشنا موضوع الهجرة جديا قرب جامع الفريان، أثناء توجهنا لحفظ القرآن عقب العصر.
عاصرنا الطفرة وحقبة الغزو، وظهور فرص تقبيل المحلات بأسعار متهاودة بعد سفر الإخوة اليمنيين.
ولم تهفو نفسي لدخول السوق.
ولا العمل كمتعهد لتزويد قوات التحالف بالماء والطعام، أو حتى بيع السرج والكيروسين وأكياس الأرز على المواطنين الخائفين من انقطاع الإمدادات.
بالإضافة إلى بيع اللواصق، لإقفال فتحات النوافذ خوفا من كيماوي صدام. أو التفكير في ترويج عجينة السمبوسة، عقب اختفاءها بعد تحرير الكويت!
ثم ظهرت البياجر والسيديات المقرصنة، اسطوانة القعقاع إلخ.، ومعرفات المنتديات التي كانت قيمتها السوقية تفوق عملة البيتكوين!
كنت أمتلك عشرات المعرفات التي لم تستخدم في منتدى الساحة.
أهديتها كلها لمجاهيل، ولم آخذ عليها ريالا واحدا.
والمذيع إبراهيم الدبيان يشهد على ذلك.
كنت وماوزلت وساظل زاهدا
دخلت في بضعة مساهمات بلا تخطيط مسبق، عندما دشنت موبايلي أو ال STC الوهم مني.
اشتريت بناء على نصيحة شقيقي، وبعت كذلك بناء على طلبه.