- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
مع انتشار ظاهرة العمل عن بعد خلال جائحة كوفيد-19 وتأثيرها المستمر على مكان العمل العالمي، أصبح من الضروري إعادة تقييم السياسات المرتبطة بهذه الظاهرة. هذا النوع من العمل يحمل العديد من الفوائد مثل زيادة مرونة الحياة المهنية وتحسين نوعية حياة العاملين؛ إلا أنه يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تحديات غير متوقعة تتعلق بالإنتاجية والصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية.
فيما يتعلق بالإنتاجية، أثبتت الدراسات أن بعض الأفراد يمكنهم تحقيق نفس مستوى الأداء أو حتى تجاوزه عندما يعملون خارج بيئة المكتب التقليدية. تعتمد هذه القدرة غالباً على مدى قدرة الشخص على إدارة وقته واستخدام تقنيات تنظيم الأعمال بكفاءة. ولكن، قد يجد آخرون أن البيئات المنزلية مليئة بالانقطاعات والتشتيت مما يعيق سير عملهم الطبيعي. لذلك، فإن وضع سياسة واضحة للعمل عن بعد تشجع على خلق مساحة عمل محترفة داخل المنزل مع توفير الدعم اللازم لإدارة الوقت والاستفادة القصوى من أدوات الاتصال الحديثة يعد أمراً حاسماً.
من الجانب الآخر، هناك مخاطر كبيرة مرتبطة بالعمل عن بعد فيما يتعلق بصحة العاملين النفسية. الشعور بالعزلة، عدم وجود الحافز الاجتماعي الذي يأتي من التفاعل اليومي مع الزملاء، وصعوبة الفصل بين العمل والحياة الشخصية كلها عوامل قد تساهم في تراجع الصحة العامة للعامل. هنا، تلعب الشركات دوراً محورياً في تعزيز ثقافة الرعاية الذاتية والدعم النفسي عبر تقديم جلسات دعم مستمرة ومبادرات لتحفيز التواصل الاجتماعي سواء كانت فعالة رقمياً أو مجدولة عند الانتقال للعمل وجهًا لوجه مرة أخرى.
بالإضافة لهذا، تستوجب سياسة العمل عن بعد مراعاة الاحتياجات الخاصة للفئات المختلفة كالآباء الذين يعتنون بأطفالهم أثناء القلق بشأن تقدمهم الأكاديمي، والموظفين ذوي الاعاقات البدنية الذين يستفيدون بشكل خاص من القدرة على اختيار بيئة العمل التي تناسب احتياجاتهم الجسدية، وغيرهم ممن لديهم ظروف حياتية خاصة قد تؤثر بشكل كبير على نجاح نظام العمل عن بعد بالنسبة لهم.
وفي نهاية المطاف، إن هدف أي شركة ينبغي أن يكون ليس فقط ضمان استمراريتها المالية ولكن أيضًا رفاهية وكفاية موظفيها. بالتالي، يجب أن يتم تصميم سياسات العمل عن بعد لتلبية المتطلبات المتنوعة لكل فرد ضمن فريق العمل بينما تحافظ أيضا على كفاءة المؤسسة وقدرتها على المنافسة. إنها مهمة ليست سهلة لكنها ضرورية للتكيف الناجح مع العالم الجديد للحاضر والمستقبل.