- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
لقد أحدثت الثورة الرقمية تحولاً عميقاً في طريقة تفاعلنا الاجتماعي وثقافتنا. ففي عالم اليوم، أصبح الإنترنت والوسائل الرقمية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. هذه الوسائط الجديدة أعادت تشكيل علاقاتنا الشخصية والتواصل بين الأفراد والمجتمعات كما أثرت أيضاً على القيم الثقافية والمعرفية لدى الجماهير.
من ناحية العلاقات الاجتماعية، سهلت وسائل التواصل الاجتماعي التواصل الفوري عبر الحدود والجنسيات مما عزز الروابط الدولية. ولكنها بنفس الوقت قد أدت إلى انخفاض جودة بعض العلاقات المحلية بسبب الاعتماد الزائد عليها وتفضيل التفاعلات الافتراضية على الواقع الحقيقي. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الأجهزة الذكية طوال النهار يزيد من الشعور بالوحدة والعزلة النفسية رغم قرب المسافات الفيزيائية للأفراد.
وفيما يتعلق بالتأثيرات الثقافية، فقد فتحت التقنية آفاقا جديدة للتعلم واكتساب المعرفة حيث يمكن الوصول لمصادر ثقافية متنوعة بأي وقت ومن أي مكان بالعالم. لكن هذا لا يعني غياب العيوب؛ فرغم ثراء المحتوى المتاح إلا أنه قد يؤدي أيضا لصعوبات تمييز المعلومات الصحيحة من الخاطئة وبالتالي التأثير السلبي المحتمل على بناء المفاهيم والقيم.
كما برز دور التكنولوجيا كعامل مؤثر رئيسي في نشر وجهات النظر السياسية والأيديولوجيات المختلفة بسرعة كبيرة ومباشرة للمستخدمين حول العالم. وهذا الأمر له جانبان: الأول الإيجابي وهو توسيع دائرة الاختيارات أمام الجمهور للاستماع لتوجهات مختلفة غير تلك التي كانوا معرضين لها سابقًا. أما الجانب الآخر فهو خطر انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات والتي تساهم بكسر ثقة الناس بالحكومات والمؤسسات الإعلامية التقليدية.
ختاماً، إن للتكنولوجيا قدرتها الهائلة لإحداث تغييرات كبيرة سواء كانت إيجابية أم سلبية حسب كيفية استغلالها واستخدامها داخل المجتمعات البشرية المختلفة. لذلك تأتي مسؤوليتنا كمستهلكين لهذا العلم الكبير تتمثل باتخاذ قرار مستنير لاستخدام كل جديد بعقلانية وعناية.