- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهد العالم تحولاً كبيراً في مشهد اقتصاداته العالمية. هذه التحولات ليست مجرد تغييرات طفيفة بل هي انقلاب جذري يتطلب إعادة النظر والتقييم لكيفية عمل النظام الاقتصادي الحالي وكيف يمكن للبلدان الاستجابة للأحداث الجارية والمستقبلية.
التحديات الأساسية:
- تأثير جائحة كوفيد-19: كانت الأزمة الصحية غير المسبوقة التي سببها انتشار كوفيد-19 عام 2020 لها تأثيرات عميقة على الاقتصادات الوطنية والدولية. أدى الركود الصناعي الناجم عنها إلى تغيير سريع في الطلب والعرض، مما خلق فرصًا ومخاطر جديدة لكل دولة.
- التغيّر المناخي: أصبح تأثيرات التغير المناخي أكثر وضوحا وأثر كبير على الأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي حول العالم. كما دفع التدابير المتخذة لمواجهة ذلك الدول نحو سياسات بيئية قد تؤدي لتغيير هيكلي للاقتصادات التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري.
- التكنولوجيا الرقمية وتأثير الثورة الصناعية الرابعة: تسارع استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات وغيرها من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة يؤثر بشدة على سوق العمل ويغير طريقة إنتاج البضائع والخدمات. هذا يعني أنه بينما تنتقل بعض القطاعات إلى مستويات أعلى من الكفاءة والإنتاجية، فإن قطاعات أخرى تواجه فقدان العمالة البشرية نتيجة للاستغناء عن اليد العاملة لصالح الآلات.
- الاستقرار السياسي والأمن الدولي: عدم اليقين بشأن الاستقرار السياسي والحروب التجارية والحروب التجارية بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين أثرت أيضا على الثقة والاستثمار العالمي. وهذا يعزز الحاجة للمؤسسات الدولية القادرة على إدارة العلاقات الدولية بطريقة تعزز النمو الاقتصادي المستدام والشامل عالميا.
الصعود الجديد للقوى الاقتصادية:
مع ظهور هذه التحديات، ظهرت أيضًا قوة جديدة تتحدى الوضع القديم المتمثل بتعظيم دور أمريكا في القيادة الاقتصادية العالمية. تشمل البلدان الرئيسية ذات التأثير المتزايد الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا ضمن مجموعة BRICS بالإضافة لدول آسيوية أخرى تتمتع بمعدلات نمو عالية نسبياً مقارنة بالدول الغربية. تُظهر كل هذه البلدان قدرتها على تقديم نماذج مختلفة لتنمية اقتصاديتها وقد حققت نجاحات ملحوظة حتى الآن رغم أنها لاتزال تواجه العديد من العقبات الداخلية والخارجية.
وتبدو الولايات المتحدة نفسها مترددة بالنسبة لتوجهات السياسة الخارجية فيما يتعلق ببرامج التجارة الدولية بعد فترة الرئيس السابق ترامب الذي أعاد تعريف الدور الأمريكي في الشأن العالمي عبر قراراته العدوانية نسبيًا تجاه شركائها التاريخيين وكذلك خصومها المحتملين. ومن الواضح بأن هناك مرحلة انتقالية تمر بها البلاد حاليًا حيث يتم البحث عن طريق جديد لدعم مكانته الرائدة سابقًا مع التعامل بحذر أكبر مع المخاطر الجديدة وعدم اليقين المرتبط بالتطورات الراهنة محليا وعالميا على حد سواء.
إن الفهم العميق لهذه الظروف الملحة سيسمح للدول بإعداد استراتيجيات فعّالة وقادرة على التصدي للتحديات واتخاذ القرارات اللازمة للحفاظ على مكانتها العالمية واستخدام الفرص المتاحة لتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي خلال الأعوام المقبلة.