• صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
  
  ملخص النقاش:
  مع تزايد المخاوف بشأن تغير المناخ وأثره على الزراعة، يبرز موضوع الأمان الغذائي كواحد من أكثر القضايا الحاسمة التي تواجه العالم اليوم. يشكل التغير البيئي تحديات كبيرة للقطاع الزراعي، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط هطول الأمطار، وغزارة الظواهر الجوية الشديدة إلى تقليل غلة المحاصيل وتآكل التربة، مما يعرض الأمن الغذائي للخطر. إن البحث عن حلول مستدامة لضمان استمرارية الإنتاج الزراعي والحفاظ عليه أمر ضروري لحماية المجتمعات البشرية حول الكوكب.

فهم العلاقة بين تغير المناخ والأمن الغذائي

تُعدّ الزراعة أحد أكبر المساهمين في انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية بسبب استخدام الوقود الأحفوري والممارسات الثقافية غير الفعالة. ومع ذلك، فإن القطاع الزراعي نفسه يتعرض أيضًا لإلحاح لتغيرات المناخ، كما لوحظ مؤخرًا خلال موجة الحر الاستثنائية في أوروبا عام ٢٠١٨ والتي أدت لانخفاض كبير في إنتاج محاصيل مثل الذرة والقمح. تشمل الآثار الأخرى للتغير المناخي زيادة حدوث الفيضانات والجفاف والصقيع المتأخر - كل هذه العوامل يمكن أن تضر بالنمو النباتي وبالتالي تؤثر بشدة على إنتاجيتها وجودتها.

استراتيجيات بناء نظام زراعي مستدام

لتحقيق الاكتفاء الذاتي للأغذية والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ، هناك حاجة ملحة لتحويل النظام الزراعي الحالي نحو نماذج تعتمد بشكل أقل على المدخلات الخارجية (كالسماد الصناعي) وعلى الطاقة ذات التأثير السلبي المرتفع. إليك بعض الأساليب المقترحة لتحقيق هذا التحول:

1. التنوع الحيوي: تعزيز التنويع داخل المزرعة وخارجها لدعم النظام البيئي العام وتحسين خصوبة التربة واستقرار الغلات الزراعية ضد الطقس القاسي.

1. الحلول التقليدية والمعرفة الأصلية: التعلم من التجارب القديمة والاستفادة منها باستخدام تقنيات مثل تدوير المحاصيل، ومقاومة المضادات الحيوية الطبيعية، والممارسات الحميدة للمياه، وغيرها مما يساهم بتقديم مسارات مبتكرة ذات قابلية عالية للاستخدام الواسع الانتشار.

1. الدعم الحكومي: وضع سياسات داعمة للسياقات الزراعية المحلية، وجذب رأس المال الخاص لاستثمار مجالات بحثية متنوعة تسعى لبناء أسواق جديدة مبنية على المنتجات الخضراء المعتمدة على تكنولوجيا نظيفة وقيمة غذائية أعلى.

1. إدارة المياه: تطوير طرق إدارة فعالة للموارد المائية عبر وسائل الري الحديثة التي تتطلب كميات قليلة نسبياً من الماء مقارنة بوسائل الري التقليدية المستخدمة حاليًا. بالإضافة لذلك، التركيز على إعادة التدوير وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي قد يؤدي دوراً أساسياً في تحقيق الأمن المائي المستقبلي.

1. التكنولوجيا الرقمية: توظيف البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لرصد حالة الأرض وإنشاء خرائط تفصيلية لأفضل مواقع زراعة المحاصيل المختلفة وفقاً لنوع التربة وظروف منطقة الجوار المباشر لها.

هذه الخطوات تساعد جميع المعنيين بالحفاظ على ريادة العالم الزراعية وتعزيز قدرته الذاتية أمام أي تهديد محتمل نتيجة لتغير المناخ وما ينتج عنه من عواقب مدمرة. ومن هنا يبقى دور العلم الباحث واجب تكامله وتبادل خبرات مختلف المهتمين بهذا المجال حتى يصل الجميع لطرق عملية قابلة للتطبيق عالمياً وستضمن حق الإنسان الأول وهو "القوت".