• صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
  
  ملخص النقاش:
  ازداد الحديث مؤخراً حول دور الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم كمحرك رئيسي لتغيير المعايير التقليدية. يوفر النظام الآلي العديد من الفرص الواعدة التي تسهم في تحسين تجربة التعلم وتحقيق نتائج أفضل. تتضمن هذه الفوائد التخصيص الشخصي للمحفظة الأكاديمية لكل طالب، حيث يمكن لبرمجيات الأتمتة تقديم مواد دراسية مصممة حسب القدرات والفروقات الفردية بين الطلاب؛ مما يعزز فهماً عميقاً للمحتوى ويحسن الأداء العام للفرد داخل الفصل الدراسي وخارجه أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، يساهم استخدام تقنية "التعلم العميق" في تطوير أدوات ذكية قادرة على معالجة كم هائل من البيانات ومن ثم اكتشاف أنماط جديدة قد تكون غير مرئية سابقًا للأستاذ أو المدرب البشري. هذا التنقيب المتعمق عن المعلومات يمكّن المؤسسات التربوية من رسم استراتيجيات تعليم أكثر فعالية بناءً على الرؤى المستخلصة.

على الجانب الآخر، يتعين مواجهة بعض التحديات المرتبطة بتطبيق حلول الذكاء الصناعي ضمن القطاع التعليمي. أحد أكبر مخاوف المجتمع العالمي اليوم هو فقدان الوظائف بسبب الاستبدال المحتمل للإنسان بالأدوات الروبوتية في تأدية المهام المتكررة والتي تعتمد غالبًا على العمليات الحسابية البسيطة أو الجداول الزمنية الثابتة. إن التحول نحو تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الغرف الدراسية سيغير دورة العمل الأساسية لموظفي المدارس والجامعات بما يشمل أعضاء الهيئة التدريسية وغيرها ممن يعملون مباشرة تحت مظلة العملية التعليمية. وهذه حالة تستدعي بذل جهود كبيرة لإعادة تدريب الأفراد وتحديث مهاراتهم ليواكبوا متطلبات بيئة عمل مستقبلية مدفوعة بالتطور التكنولوجي المتسارع.

ومن ناحية أخرى تظهر قضية خصوصية بيانات الطلاب وصعوبات ضمان سلامتها واستمراريتها كتحد آخر يطرح نفسه بقوة أثناء نقاش الموضوع الحالي. تتمثل إحدى أهم ركائز عملية التعليم الناجحة في الشعور بالألفة والثقة بين المعلمين وأطفالهم الذين هم تحت رعايتهم. بموجب سياسات الخصوصية الجديدة المطابقة لقوانين حماية البيانات الحديثة مثل GDPR، أصبح الاحتفاظ بسجلات تفصيلية لأداء كل طفل أمر ضروري للغاية ولكنه ليس بالمهمة غير الخاضعة للمخاطرة الأمنية! فمع وجود شبكات الإنترنت المفتوحة والمتصلة دائماً بالشبكة العنكبوتية العالمية، تصبح احتمالية اختراق تلك الشبكة واقتحام محتويات الملفات الشخصية مرتفعة نسبياً مقارنة بعصر الطباعة الورقية القديمة، الأمر الذي يستنزف موارد وقتية ومادية هائلة للحفاظ عليها آمنة قدر الإمكان أمام أي تهديد محتمل لها سواء كان خارجيا أم داخليا مصدره موظفو المنظمة نفسها.

وفي الختام فإن تأثير الذكاء الاصطناعي على مسرح المناهج والسلوك الأكاديمي يعد ظاهرة مثيرة للاهتمام ولكن يندرج تحت نطاق مسؤوليتنا الأخلاقية والدينية التأكدُ بأن ثمار الاكتشاف العلمي الجديد لن تضر أبناء جيل الشباب بل ستكون دعائم ثابتة لدفع عجلة تقدم مجتمعاتهم نحو الأمام بروح تحمل قيم المساواة والإنسانية وفي نفس الوقت تحقق القدر اللازم من الربحيّة الاقتصادية المؤثِّرة عالميًا وعربيًّا اقليم