- صاحب المنشور: شيرين بن عيشة
ملخص النقاش:
تعدُّ قضية التعليم واحداً من أهم القضايا التي تتصدر اهتمامات العالم الحديث. ففي عصر الثورة التكنولوجية والإعلام الرقمي، بات التعليم يشغل مكانة مركزية في بناء المجتمعات وتطويرها. وفي هذا السياق، يبرز دور الإسلام كدين شامل ومتكامل في تشكيل منظور فريد حول قيمة المعرفة وتعليمها. يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية على أهمية العلم والمعرفة باعتبارهما أساساً للارتقاء البشري والتقدم الحضاري. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" [العلق:1]. وهذه الآية الأولى نزلت لتكون دعوة إلى طلب العلم والقراءة. كما حث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين على تحصيل العلوم المختلفة، حيث روي عنه أنه قال: «طلب العلم فريضة على كل مسلم». وبذلك، يعكس الإسلام تقديساً عميقاً للعلم والمعرفة ويجعل منهما واجباً دينياً وإنسانياً.
من منظور إسلامي، ينبغي النظر إلى التعليم كممارسة شاملة تتجاوز مجرد نقل المعلومات. فهو عملية تنمية معرفية وأخلاقية تساعد الفرد على فهم نفسه والعالم من حوله بطريقة أكثر شمولية واتساقاً مع القيم الروحية والأخلاقية الإسلامية. ومن هنا تأتي أهمية تهيئة بيئة تعليمية تسعى لتعزيز التعايش السلمي وضمان حقوق جميع الأفراد بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو الدينية. علاوة على ذلك، يدعو الدين الإسلامي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وخلق فرص متساوية للحصول على التعليم الجيد لكل أفراد المجتمع، إذ تؤكد الأحاديث النبوية الشريفة على ضرورة مساعدة المحتاجين والمستضعفين، بما في ذلك تقديم المساندة لهم في الحصول على التعليم المناسب.
وفي ظل تحولات القرن الواحد والعشرين المتسارعة، تواجه نظم التعليم تحديات كبيرة تتمثل في تبني طرق تدريس مبتكرة تلبي احتياجات جيل الإنترنت والتكنولوجيا الجديدة. إن دمج التقنية الحديثة في العملية التعليمية يمكن أن يساهم بشكل كبير في زيادة فعالية التدريس وتحسين تجربة الطالب. وفي الوقت ذاته، يتعين عدم نسيان الجانب الأخلاقي والديني عند استخدام هذه الأدوات الرقمية، وذلك باتباع مبادئ مثل احترام خصوصية الفرد والحفاظ على محتوى مناسب وآمن للأطفال والشباب.
باختصار، يوفر الإسلام رؤى معمقة بشأن مكانتي العلم والتعليم ضمن الحياة البشرية. فهي ليست مجرد وسائل لكسب المهارات العملية فحسب؛ بل هي أيضاً أدوات لتحقيق الفردانية البشرية وتمكين المجتمعات من بلوغ أعلى درجات الصحة والازدهار. إنه نهج شامل يقرب بين العقل والنفس ويتيح للإنسان استثمار قدراته المعرفية لتحقيق الصالح العام واستكمال دوره الخلافي على الأرض كما أمر به سبحانه وتعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ".