- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهدت العديد من المجتمعات الغربية زيادة ملحوظة في عدد اللاجئين والمهاجرين الذين يسعون إلى بناء حياة جديدة على أرضهم. هذا التدفق العظيم للناس يوفر فرصة فريدة للتبادل الثقافي والتكامل الاجتماعي، ولكنه أيضاً يسلط الضوء على التحديات الكبيرة المتعلقة باللغة والثقافة التي قد تواجه هؤلاء الوافدين الجدد أثناء محاولتهم الانسجام مع مجتمعاتهم المضيفة. هذه القضية ليست مجرد مسألة تكييف شخصي؛ بل هي قضية تتطلب فهمًا عميقًا وتعاونًا حكوميًا ومجتمعيًا لضمان نجاح اندماج الوافدين الجدد.
التحديات اللغوية:
اللغة تعتبر أحد أهم العوائق التي يمكن أن تعترض طريق الاندماج الناجح للأجانب في المجتمع الجديد. اللغة المحلية، التي غالبًا ما تكون مختلفة تماما عما اعتادوا عليه، تساهم بشكل كبير في شعورهم بالعزلة والابتعاد عن الحياة العامة. فبدون قدرة كافية على التواصل باللغة الرسمية للمجتمع الذي يعيش فيه، قد يشعر الشخص بأنه "مغلق" بعيدا عن الفرص التعليمية والمهنية وغيرها الكثير. حتى لو كانوا يتحدثون أكثر من لغة واحدة قبل الهجرة، فإن تعلم لغة جديدة بالإضافة إلى الثقافات المرتبطة بها يمكن أن يكون تحدياً كبيراً.
على سبيل المثال، إذا انتقل شخص عربي الأصل إلى كندا أو الولايات المتحدة، فسيتعين عليه التعامل مع لغتين رسميتين - الإنجليزية والكندية الفريدة لكل بلد. ليس فقط الأمر يتعلق بالكلمات والجمل الأساسية، ولكن أيضا الفروقات الدقيقة مثل الاختلافات بين اللهجة العامية والإنجليزية الأكاديمية والأعمال التجارية. وهذا يعني أنه يجب عليهم الحصول على دورات تدريبية مكثفة لتحسين معرفتهم باللغة الجديدة، وهو أمر نادرًا ما يكون متوفرا مجانا وقد يتطلب وقتاً طويلاً لممارسة المهارات المكتسبة حديثا بشكل يومي.
وفي الوقت ذاته، هناك مصدر آخر مهم للقلق وهو نقص فرص العمل بسبب عدم القدرة على استخدام اللغة بطلاقة، مما يؤدي لأزمة اقتصادية واجتماعية لدى أفراد تلك المجتمعات. لذلك، أصبح إنشاء مجالس دعم لغوي وبرامج تعليم اللغة أكثر أهمية من أي وقت مضى لتسهيل عملية الترحيب بهؤلاء الأفراد وإعطائهم الأدوات اللازمة ليكونوا جزءا فعالا وأساسيا من المجتمع الغربي الذي اختارونه موطنهم الجديد.
التأثير الثقافي:
بالإضافة إلى الصعوبات اللغوية، تأتي مشاكل ثقافية أخرى مرتبطة بانخراط الأشخاص الأجانب في بيئة غير معتادة عليها بالنسبة لهم. بعض الاختلافات الثقافية الأكثر شيوعا تشمل المعايير الاجتماعية والسلوكيات اليومية وقيم المجتمع بأكمله. قد تصبح الأمور البسيطة مثل كيفية التحية، أو تناول الطعام خلال الأوقات المختلفة خلال النهار، أو توقعات بشأن العلاقات الشخصية، أمورا صعبة للفهم عندما يتم تطبيقها ضمن السياق الثقافي المختلف.
على الرغم من وجود نقاط تقاطع مشتركة عبر جميع الثقافات، إلا أنها توضح أيضًا مدى اختلاف وجهات النظر والمعتقدات والقواعد الأخلاقية الخاصة بكل شعب. لهذا السبب، تعد الحاجة إلى تثقيف عامة الناس حول عادات وثقافة مجموعات الأقليات كبيرة للغاية. ويمكن تحقيق ذلك عبر وسائل الإعلام المتنوعة، والفعاليات المجتمعية، والبرامج التعليمية داخل المدارس والنوادي الرياضية وغيرها.