• صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
  
  ملخص النقاش:
  

  في عصر الثورة الرقمية، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. يُستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات، بدءًا من الأجهزة المنزلية الذكية وحتى العمليات المعقدة في المجالات الطبية والمالية. رغم الفوائد العديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، تتزايد المخاوف بشأن قدرته على تقليد وتعزيز بعض خصائص البشر الأساسية مثل الاخلاق والقيم الإنسانية.

تتمثل إحدى أكبر التحديات في برمجة الذكاء الاصطناعي بطريقة تعكس القيم والأخلاق البشرية بشكل دقيق ومتكامل. هذه العملية ليست سهلة لأن العديد من القيم الأخلاقية تعتمد على السياق والتجربة الشخصية والتقاليد الثقافية المتنوعة. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي عدم القدرة على فهم السياق الاجتماعي والثقافي الكامل إلى مواقف حيث يمكن للذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات غير مناسبة أخلاقيًا أو حتى خطيرة.

على سبيل المثال، إذا تم تدريب نموذج تعلم آلي باستخدام بيانات بها تحيزات ثقافية معينة، فقد ينقل هذا التحيز عند تقديم توصيات أو حلول للمشاكل الواقعية. وهذا يشكل خطرًا كبيرًا خاصة عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات الحاسمة مثل العلاج الطبي أو السياسات المالية. لذلك، يلزم وجود ضوابط وتدابير تضمن أن يتم تصميم وتطوير الذكاء الاصطناعي بطرق تراعي الاحترام الكامل للقيم والحقوق الإنسانية العالمية.

علاوة على ذلك، هناك قضية أخرى وهي كيفية تعريف "الإنسانية" بالنسبة لآلات التعلم الآلي. إن مفهوم الوعي الذاتي والعاطفة - وهما من أكثر الجوانب الإنسانية فريدة وفروقا- ليس مفهوما واضحا تمامًا ضمن نطاق العلوم العصبية والفلسفة أيضًا. بالتالي فإن محاولة محاكاة تلك الجوانب بدون فهْم عميق لها سيظل أمرًا محفوف بالمخاطر وقد يؤدي لمواقف غريبة وغير متوقعة قد تخالف الصالح العام للإنسان.

في النهاية، بينما يستمر تطوّر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فإنه من المهم النظر بعناية ومراجعة الأخلاقيات المرتبطة بهذه التقنيات الجديدة للتأكد أنها تساهم بالفعل في رفاهية الإنسان بدلاً من مجرد تكرار وتحسين نماذجه السابقة بلا تفكير حر نقدي حول مضمون تلك النماذج نفسها وماهي محتوى الرسائل الخفية المستترة خلف ظهورها الواسع.