- صاحب المنشور: هشام بوزرارة
ملخص النقاش:
في ظل تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة وتطور وسائل الاتصال والإعلام الرقمي، تواجه مؤسسات التعليم العالي تحديات كبيرة تتعلق بتكييف المناهج وطرق التدريس لتلبية متطلبات القرن الحادي والعشرين. هذه الأزمة ليست فريدة بل هي عالمية، حيث تسعى الجامعات حول العالم لإعادة هيكلة نظامها التعليمي ليواكب التحولات الجذرية في بيئة التعلم.
تتمثل إحدى أكبر التحديات الأساسية في كيفية دمج التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وبرامج الواقع الافتراضي والتطبيقات المحمولة ضمن العملية التعليمية دون المساس بالجوهر العلمي والمعرفي للتعليم ذاته. كما يشكل تطوير مهارات الطلاب غير الأكاديمية كالتواصل الفعال وإدارة المشاريع والعمل الجماعي تحدياً آخر أمام المؤسسات التعليمية التي كانت قد ركزت تاريخيا على تقديم معارف نظرية غنية ولكن أقل تركيزاً على المهارات التطبيقية العملية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القدرة المالية لبعض الدول والحكومات على الاستثمار اللازم للتحديث والبقاء مواكباً لأحدث المستجدات العلمية يقف عائقاً أمام العديد من المنظمات التعليمية المتعثرة مالياً والتي تعاني من ضغوط مالية مستمرة بسبب انخفاض معدلات القبول وتراجع الدعم الحكومي. وهذا يؤثر بالسلب على جودة الخدمات المقدمة ويقلل من فرص الوصول إليها خاصة بالنسبة للفئات الاجتماعية الأكثر فقراً أو تلك الواقعة خارج مراكز المدن الرئيسية.
ومن الناحية الإيجابية، توفر تقنيات التعليم الإلكتروني فرصة هائلة لتحقيق الشمولية والجودة عبر توسيع نطاق الوصول إلى المواد المرجعية والمناهج الدراسية بالإضافة لفوائد أخرى مثل المرونة الزمنية والمكانية للمستخدمين النهائيين. ويمكن أيضًا استخدام الأدوات الرقمية لمراقبة تقدم الطالب وتحسين تجربة التعلم الشخصية لكل فرد بناءً على احتياجاته وقدراته الخاصة مما يسمى "التعلم الشخصي".
وفي نهاية المطاف، يتعين على المؤسسات التعليمية أن تستثمر بكثافة في تدريب أعضاء الهيئة التدريسية وتعزيز ثقافة البحث والتطوير لديهم لاستيعاب الثورة المعرفية والثورة الصناعية الرابعة المرتبطتين بها. ولا شك أنه ستكون هناك حاجة ملحة كذلك لاتخاذ إجراءات تنظيمية قادرة على وضع سياسات وقوانين تحكم حماية البيانات الشخصية وضمان الامتثال للأخلاقيات المهنية والأدبية أثناء عمليات الانتقال نحو هذا النوع الجديد من البيئات التربوية الرقمية.
إن الموازنة بين الجانبين -الحفاظ على قيمة المحتوى التقليدي جنبا إلى جنب مع الاستفادة الكاملة من الفرص المتاحة لتكنولوجيا المعلومات والابتكار- سيضمن بقاء النظام الحالي قابلا للعيش واستدامته حتى يتم تطبيق الحلول طويلة المدى المثلى لحلول مشكلة نقص تمويل القطاع العام وإصلاح مسار التنمية الاقتصادية داخل المجتمع الحديث اليوم.