• صاحب المنشور: الطاهر الهاشمي
  
  ملخص النقاش:
  ### أزمة الثقة: تأثير الانقسام السياسي على الاقتصاد العالمي

في السنوات الأخيرة، شهد العالم زيادة ملحوظة في التوترات السياسية بين الدول الكبرى. هذا الانقسام السياسي ليس له تداعيات سياسية واجتماعية فحسب، بل أيضاً تأثيرات اقتصادية عميقة. يظهر ذلك جلياً في الأزمات التجارية المتكررة والانخفاض غير المسبوق في الاستثمار الدولي بسبب عدم اليقين في السياسات الحكومية المستقبلية.

تُعدّ التجارة الدولية أحد أهم المحركات للنمو الاقتصادي العالمي. ولكن مع تصاعد الحمائية والتدابير الجمركية الجديدة، أصبح الشركاء التجاريون التقليديون يتراجعون نحو الداخل. الصين والولايات المتحدة الأمريكية هما مثال بارز لهذا الصراع الذي أدى إلى فرض رسوم جمركية متبادلة أثرت بشدة على كلا البلدين وعلى النظام التجاري العالمي ككل. هذه الرسوم ليست مجرد تكاليف مباشرة للشركات والمستهلكين؛ إنها تخلق بيئة اقتصادية مليئة بالشكوك وتقلل من القدرة التنبؤية للأعمال التجارية.

عدم الاستقرار السياسي يمكن أيضا أن يؤثر على استثمارات رأس المال الأجنبي المباشر (FDI). عندما يشعر المستثمرون بعدم الثقة بشأن مستقبل القوانين أو السياسات الحكومية، فإنهم غالبًا ما يعيدون تقييم خطط الاستثمار الخاصة بهم. وقد ظهر هذا واضحا خلال الفترة التي تلت الانتخابات الرئاسية في بعض البلدان حيث كانت هناك توقعات بتغيير كبير في السياسات العامة. وهذا الخوف من "الضبابية السياسة" قد دفع العديد من المستثمرين لتجميد مشاريعهم حتى يتم توضيح الصورة.

بالإضافة لذلك، فإن انهيار الثقة بين الدول يمكن أن يؤدي إلى ضعف الإطار القانوني الدولي. العلاقات المتوترة تعيق التنفيذ الفعال لاتفاقيات مثل اتفاقية منظمة التجارة العالمية (WTO) والتي تعتبر ضرورية للحفاظ على نظام تجاري عادل ومنفتح. بدون وجود شبكة قوية من التحكيم والتنظيم المشترك، يمكن أن تتزايد المنافسة غير العادلة والاحتكار داخل الأسواق المحلية والدولية.

وفي النهاية، يبقى الحل لهذه الأزمة هو العمل نحو بناء جسور التواصل والثقة. من الضروري إعادة التركيز على المنظمات الدولية والحوار الهادف لحل النزاعات بطريقة سلمية وقانونية. كما أنه يجب على الحكومات التركيز أكثر على خلق سياسات شفافة ومستدامة تشجع الاستثمار وتعزز الثقة بين الشركاء الاقتصاديين. بهذه الطرق، يمكننا تقليل الآثار السلبية للانقسامات السياسية على الاقتصاد العالمي وتوفير فرص جديدة للنمو والاستقرار.