- صاحب المنشور: عنود بن جلون
ملخص النقاش:
في العصر الحديث، حيث يتزايد الاعتماد على وسائل الإعلام التقليدية والرقمية لتشكيل وتوجيه الآراء العامة، يبرز سؤال جوهري حول مدى فعالية هذه الوسائل وقدرتها على الوفاء بتلك المهمة. تتشابك العديد من التحديات والتغيرات التي تواجهها الصناعات الإعلامية مع التحولات الجذرية الناجمة عن الثورة الرقمية.
بدايةً، أدى ظهور الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إلى تحرير عملية تواصل المعلومات وأصبحت هناك مجموعة مترامية الأطراف من المصادر المتاحة للجمهور والتي قد لا تخضع لمعايير صارمة للتحقق والمصداقية. هذا الوضع الجديد وضع الصحافة التقليدية أمام اختبار كبير حيث أنها لم تعد المصدر الوحيد والأكثر ثقة للمعلومات. أصبح الجمهور أكثر قدرة على الوصول مباشرة إلى الأخبار والمعرفة بطريقة غير مركزية مما يشكل تهديدا لنفوذهما كوسيط رئيسي.
بالإضافة لذلك، أثرت البيئة الاقتصادية الجديدة أيضًا بشدة على الأعمال التجارية للإعلام التقليدي. انخفضت إيراداتها بسبب خسارة الإعلانات لصالح الشركات ذات المنصة عبر الأنترنت مثل Google وFacebook الذين يستغلون البيانات الشخصية للحصول على ربح أكبر بكثير. وهذا الضغط المالي دفع كثيرًا من المؤسسات الإعلامية نحو خفض تكاليف الإنتاج والإستعانة بمزيدٍ من المحتوى "العابر". لكن تبقى الجدلية مفتوحة بشأن إن كان ذلك يؤثر بالسلب على نوعية الخدمة المقدمة وما إذا كانت القيم الأساسية للتقرير المهني ستظل محترمة وسط كل هذا التشويش.
وفي المقابل، فإن التكنولوجيا الحديثة تحمل بين طياتها فرص عظيمة للتطور للأفضل أيضا. فالابتكار يمكنه إعادة تعريف الدور الذي تقوم به وسائل الاتصال المجتمعي ولكنه يتطلب الاستعداد الكافي والاستثمار الأمثل فيه - سواء كان موجه للاستثمارات الذاتية أو الخارجية. فمنذ بداية جائحة كورونا مثلا، ظهرت بصمات واضحة لهذا التأثير عندما اضطرت معظم المطبوعات العالمية وحتى المحلية لإغلاق أبوابها مؤقتا بينما انتقلت عمليات بث البرامج المرئية والصوتية عبر شبكة الانترنيت بكل سهولة وكفاءة عالية نسبيا مقارنة بسابقة ذكرت أعلاه حيال الظروف المالية المضطربة سابق الذكر لأصحاب المشاريع القديمة نفسها!
ومن ثم، ينصب التركيز حالياً وبشكل متسارع نحو تحصين القدرات المؤسسية لهذه المجالات وإيجاد حلول ملائمة لتحقيق الربحية خلال الفترة الانتقالية بينما يتم موازنة التزاماتهم تجاه تقديم خدمات صحفية موضوعية وموثوق بها مقابل حاجتهم الملحة لاستقطاب جمهور جديد ومتنوع الجنسيات والعمر والفئات الأخرى الغنية بالمعلومات والثقافات المختلفة داخل نطاق مجتمع رقمي واسع كل يوم يزداد اتساعاً واتساعاً...
هذه المسارات الثلاث الرئيسية – الأولوية القصوى الأكبر للعامل الزمني؛ حرص المؤسسة على الاحتفاظ بالمبادئ الأساسية للخبر الصحفي الأصيل والخير له وللمجتمع ككل بغض النظر عمّا سيحدث بعد بلوغه مرحلة النضج النهائي تحت مظلة معدلات سنوية ثابتة للاستدامة والحفاظ عليها ضد أي تغييرات مفاجأة محتملة مستقبلاً ؛والبحث الدؤوب المستمر لإجراء تطوير شامل لفهم أفضل لكيفية عمل العمليات الداخلية الخاصة بهم باستخدام بيانات المستخدم المعاصرة – هي الآن الخطوط العريضة المثلى لما يسمى بعملية الانصهار الفعال لدوران عجلتَي العلم والتكنولوجيا داخل قلب عقلانية العمل الإنساني المُختَص بإدارة قطاع الإعلام برمتَه بلا استثناء منذ القدم حتى اليوم الحالي وغداً أيضًا - رغم اختلاف الأدوات والمسميات فحسب-.