في الإسلام، يلعب إجماع العلماء دورًا هامًا في تحديد الأحكام الشرعية وتفسير النصوص الدينية. وهذا الأمر مدعوم بأدلة واضحة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
أولاً، ورد في الآية الكريمة "فإن تنازعتم في شيء فروหُه إليه والرسول" [النساء: 59] دليل على أهمية الرجوع إلى إجماع العلماء إذا حدث أي نزاع أو خلاف حول مسألة معينة. حيث يشير هذا البيان إلى أنه عندما تنشأ اختلافات فيما بين المؤمنين، يمكن حل تلك الاختلافات من خلال الرجوع إلى حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يعني أيضًا قبول رأي المجتمع العلمي المتفق عليه عند وجود نقص المعلومات المباشرة من الوحي.
ثانياً، هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تدعم حجية الإجماع في التشريع الإسلامي. منها الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة"، مما يوحي بأن اجتماع الأمة الإسلامية على رأي واحد هو مؤشر قوي لعلمه ودقة ذلك الرأي. بالإضافة إلى أحاديث أخرى تؤكد على ضرورة الاتباع والإلتزام بالجماعة المسلمة وعدم الانشقاق عنها، مثل "ليس أحد يفارق الجماعة شبرا إلا مات ميتة جاهلية".
وقد اعتبر الفقهاء عبر التاريخ أن هذين المصدرين هما أساس للحجية الإجماعية. فقد ذهب الإمام الشافعي مثلاً إلى القول بأنه بناءً على تعليماته بشأن التمسك بجماعة المسلمين، يمكن الاستنتاج بأن إجماع المسلمين حاسم وملزم بإذن الله. وعزا ابن قدامة السبب الرئيسي لهذه الاعتبارات إلى "العظمة التي نسبت للأمة الإسلامية والحماية الخاصة الإلهية لها ضد الخطأ".
وفي نهاية المطاف، يشدد علماء الدين المعاصرون على طبيعة هذا النوع من التدقيق العقلي. فعلى سبيل المثال، يؤكد الدكتور عبد العزيز بن باز رحمه الله قائلاً: "إجماع الناس على قضية معينة سواء كانت أمراً صحيحاً أو غير صحيح؛ فالجانب القانوني للإسلام واضح هنا أيضاً." بما يعكس عمق الفكرة وشموليتها داخل المنظومة الفقهية العامة للشريعة الإسلامية.