- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
في العصر الرقمي الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. ولكن هل يمكن لهذه المنصات الحديثة أن تؤثر على طريقة تذكرنا للأحداث والذكريات؟ هذا النوع من الاسترجاع أو "الذاكرة الاجتماعية" يتيح لنا إعادة خلق اللحظات المهمة مع الأصدقاء والعائلة عبر الإنترنت. بينما قد يبدو الأمر مفيداً لتذكر تلك التجارب، هناك وجه آخر لهذا العملة التي ربما لم ندركها بعد - كيف تعيد تشكيل ذكرياتنا الشخصية وتأثير ذلك على قدرتنا الطبيعية على التذكُّر.
**الذاكرة الاجتماعية وفقدان الأصالة**
عندما نشاهد صور قديمة لأعياد الميلاد أو الرحلات الجماعية على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن عقولنا تبدأ مباشرة بإعادة بناء هذه الذكرى وفقا للصورة المتاحة وليس كما حدث حقا. يطلق علماء النفس على هذه الظاهرة اسم "تأثير الصورة"، حيث تميل ذاكرتنا إلى تحديث نفسها استنادًا إلى المعلومات الجديدة مثل الصور والفيديوهات. وهذا يعني أنه حتى وإن كانت لدينا ذكرى واضحة لحدث معين، إلا أنها قد تتغير بمرور الوقت بسبب التأثيرات الخارجية مثل مشاركة تجارب الآخرين أو مشاهدة محتوى مشابه.
**التلاعب بالوقائع**
بالإضافة لذلك، غالبًا ما يتم اختيار أفضل لحظة خلال الحدث الحقيقي ويجري تسجيلها ونشرها عبر الإنترنت. هذه العملية تخلق نوع جديد من الواقع الذي لا يشمل كل تفاصيل التجربة الغنية بالأشياء الصغيرة والأخطاء وأوقات الفتور التي جعلت الحقيقة مشوقة ومميزة. إن التركيز الزائد على اللقطات المثالية يمكن أن يؤدي إلى تصحيح غير صحيح للتاريخ الشخصي ويعطينا فهم خاطئ لما فعلا حدث بالفعل.
**الأفكار المستقبلية حول استخدام الوسائل الرقمية**
على الرغم من الفوائد الكبيرة لوسائل الإعلام الرقمية فيما يتعلق بترابط المجتمع والتواصل البعيد المسافة، فإنه ينصح باتباع بعض الإرشادات للحفاظ على سلامة ذكرياتك الخاصة واستدامتها. أولاً، حاول الاحتفاظ ببعض الأشياء بعيدا عن الشبكات العامة؛ احتفظ بألبوم صور خاص بهذه المناسبات الهامة ولا تعتمد كليا على الملفات المشتركة بشكل عام. ثانيًا، ابحث دائمًا عن فرص لإعادة النظر بنفسك وبشخصيتك خارج إطار شاشة الكمبيوتر الخاص بك؛ زيارة أماكن مختلفة وشراء كتب جديدة والمشاركة في الأنشطة المحلية وغيرها الكثير ستساعد عقلك على توليد خيوط معرفة فريدة خاصة بكل فرد منها والتي لن يتم الحصول عليها عبر الانترنت فقط. أخيرا ولكنه ليس آخراً، كن مدركا بأن العديد مما شوهد وتم حفظه أصبح متاح الآن ويمكن الوصول إليه مرة أخرى لاحقا عندما ترغب بذلك بدون الضغط لتحقيق الكمال الدائم أثناء حدوث الحدث نفسه.
تذكر دائماً أنه بغض النظر عن مقدار الراحة والرفاهية التقنية التي توفرها لك وسائل التواصل الاجتماعي، فهي مجرد أدوات لمساعدتك وليست نهاية العالم بالنسبة لعوالمنا الداخلية وغرائزنا الأساسية للتعلم والمعرفة والاستمتاع بالعيش بشخصيتنا الفريدة!