تحولات المشهد الثقافي العربي: تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأدب والشعر

في العقود الأخيرة، شهد العالم العربي تحولاً كبيراً في مشهد ثقافته نتيجة للتطورات التكنولوجية الفائقة. وتُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من أكثر هذه

  • صاحب المنشور: عبدالناصر البصري

    ملخص النقاش:
    في العقود الأخيرة، شهد العالم العربي تحولاً كبيراً في مشهد ثقافته نتيجة للتطورات التكنولوجية الفائقة. وتُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من أكثر هذه الوسائل تأثيراً، حيث أعادت تشكيل الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع الفن والأدب والثقافة عموماً. هذا التحول لم يكن خالياً من الجدل والتأمل حول آثاره الإيجابية والسلبيّة المحتملة.

عبر المنصات الرقمية مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، أصبح بإمكان الشعراء والمؤلفين الوصول إلى جمهور واسع ومتنوع بطرق غير تقليدية. يمكنهم نشر أعمالهم مباشرة ومشاركة أفكارهم وأفكار قرائهم وتعليقاتهم فوريا. كما أدت هذه المنصات دوراً بارزاً في إعادة اكتشاف الأصوات الأدبية الجديدة ومنحها فرصة لإظهار المواهب الشابة وغير المعروفة سابقًا. بالإضافة إلى ذلك، ساعدت منصات الويب العالمية مثل Goodreads والقائمة السوداء للأدب العربي "ArabLit" في خلق مجتمع رقمي يجمع بين عشاق الأدب العربى بغض النظر عن موقعهم الجغرافي مما يعزز الحوار النقدي وبناء فهم أدبي مشترك.

ومع القوة الهائلة لهذه الأنظمة الاجتماعية جاء جانب سلبي أيضاً. فقد أدى التركيز المتزايد على العدد الكبير للمتابعين والإعجابات والعناصر المرئية المبهرة غالباً إلى الضغط نحو كتابة محتوى أقل تعمقاً وأكثر سطحية. هناك مخاوف بشأن الانخفاض النسبي في الأعمال الخلاقة الكبيرة والمعقدة لصالح قصائد وقصص مكتوبة خصيصاً لوسائل التواصل الاجتماعي تتضمن عناصر جذب وانتشار سريع. أيضًا، قد يشكل الاستخدام المكثف لهذه التطبيقات تحديات فيما يتعلق بالخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمستخدمين والتي تعتبر جزء مهم للغاية ضمن البيئة الحديثة لأعمال الكتاب والشعراء الناشئين الذين يسعى للحصول علي فرص مهنية مستقبلاً.

من منظور تاريخي وثقافي، فإن آثار الثورة الرقمية ليست جديدة تمامًا بالنسبة للعرب؛ فهي تستند إلي تقاليد طويلة المدى لاستخدام اللغة العربية كنظام اتصال فني وثقافي متنوع وغني عبر الزمن منذ عصور القرآن الكريم حتى عصر الرومانسيين والحداثيين الحديث وما بعد الحداثة. ولكن كيفية استخدامنا الحالي لتلك التقنيات الرقمية ربما تغير طبيعة انطباعنا العام تجاه نوع وطول العمل المكتوب وكثرة طرح الأسئلة حوله قبل نشره أو نشره نفسه بدون أي اعتبار لما فيه من جوهر واقعي مقنع للقارئ المستهدف بقصد جعل تلك الأعمال مؤقتة وليس دائمة الانتماء للإبداع الذاتي الإنساني الذي يحاول تمثيل الواقع بقدر أكبر قدر ممكن بالمقارنة مع محاولة البعض الآخر تحقيق جماهيريته بأقل طاقة ممكنة وصرف انتباه الجمهور لفترة وجيزة ثم رحيله بلا راجع له!

وفي النهاية، بينما يستمر تطوير تكنولوجيا المعلومات بسرعة مذهلة، سيظل دور القراءة والفكر والنقد البشري حيويًا لبقاء الشعر والأدب العربي نابضة بالحياة ورنانة. إن التصالح مع عالم اليوم الرقمي ليس مجرد مسألة اتخاذ القرار بنعم أم لا؛ بل يتطلب موازنة بين المحافظة على تراثنا الثقافي الغني واستيعاب الفرص الواعدة التي تقدمها الأجيال الجديده للتعب


بسام بن معمر

9 مدونة المشاركات

التعليقات