- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
لقد شهد القرن الحادي والعشرين تحولا كبيرا نحو الاستدامة البيئية، حيث أصبح الاهتمام بالقضايا البيئية مثل تغير المناخ وتلوث الهواء والماء أمورا حيوية. ومن بين القطاعات التي تواجه تحديات كبيرة لتحقيق هذا التحول هي الصناعة العالمية. يشكل القطاع الصناعي حوالي ربع الانبعاثات الكربونية العالمية، مما يجعله هدفاً رئيسياً لأي جهود جادة لمكافحة التغير المناخي.
بالنظر إلى هذه الحقائق، فإن التحول الأخضر للقطاع الصناعي ليس خيارا فحسب، بل هو ضرورة ملحة لحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة. يتضمن هذا التحول عدة جوانب مهمة:
1. **التحول إلى طاقة متجددة**:
تعد الكهرباء أحد المحركات الرئيسية للصناعة، ورغم أنها أقل تلويثاً مقارنة بالوقود الأحفوري، إلا أنه يمكن تحسينها أكثر باستخدام الطاقات المتجددة مثل الشمس والرياح والنووية. شركات مثل "سيدر" في الصين تقوم بتطوير محطات صغيرة لتوليد الكهرباء من الرياح مباشرة داخل المنشآت الصناعية الخاصة بها.
2. **الكفاءة في استخدام الطاقة**:
يمكن تحقيق وفورات كبيرة في استهلاك الوقود عبر زيادة الكفاءة التشغيلية للمعدات والمصانع. التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة تساعد على مراقبة العمليات وتحسينها باستمرار. شركة "أرامكو السعودية"، على سبيل المثال، تعمل بنشاط على تطوير حلول ذكية لزيادة كفاءتها في استخدام الطاقة.
3. **استخدام مواد مستدامة**:
يتطلب الانتقال نحو اقتصاد دائري إعادة النظر في المواد الخام المستخدمة في الإنتاج. يتم تشجيع الشركات الآن على اعتماد تدابير لإعادة التدوير والاستخدام المستمر للمواد الأولية. مثال بارز هنا هو شركة "ديزني" التي قامت بتطبيق سياسة لاستخدام الألياف المعاد تدويرها في منتجاتها من الملابس وغيرها.
4. **تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة**:
بالإضافة للتخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ينصب التركيز أيضاً على تقنيات جديدة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون المنتج أثناء عمليات التصنيع واستخدامه أو تخزينه بطرق آمنة وعملية. هناك العديد من المشاريع البحثية الجارية حول العالم تستكشف هذه الاحتمالات الواعدة.
5. **التعاون الدولي والدعم الحكومي**:
لا يمكن للشركات الفردية تحمل عبء التحول بمفردها؛ لذلك تلعب السياسات الحكومية دورًا حيويًا في دعم هذا المسار عبر تقديم الحوافز والإعفاءات الضريبية وبناء البنية التحتية اللازمة لدعم انتقال نظيف وصديق للبيئة. دول مثل ألمانيا وأيسلندا فرضتا ضرائب عالية على الوقود الأحفوري بينما قدمتا تمويل كبير لبرامج الطاقة المتجددة.
وفي الختام، يعد التحول نحو نموذج إنتاج صديق للبيئة خطوة جريئة ولكنها ضرورية للحفاظ على بيئتنا ومستقبل أبنائنا. إن الجمع بين الابتكار والتخطيط الاستراتيجي والحلول المدروسة يقود الطريق نحو عالم يصنّعه الإنسان مع الطبيعة وليس ضدها.