"يوميات في العزلة"
قصاصات كتبها جليس وحدته
بيده كتاب أو قلم ودفاتر
و أحيانا كوب قهوة،وبعض من الحلويات المنزلية.
يُباعِدُ أطيافَهم عن وارِده كما يحترز عما أقعدهم بعيداً عنه!
يتكممُ بالكتب،ويغسل يديه عن كل رغبات بهم، حجرَ قلبه بين ضلوع الاستيحاش ليضمن عدم المخالطة و أمعن في الحظر!
١
في البدء
لم تكن هناك معاناة إذ كان خير جليس نديمه، و لسان البيان مرافقه، و بُنيات الأفكار تغدو و تروح في زهو القوافي،أو في تثنِّي السطور.
ودَّ لو يتكوَّن حرفاً فيلتئمُ مع باقي الحروف
ليكون رويَّاً هنا أو سجعاً هناك.
كان لا يولي الأحداث سَمعه؛لإنه طائِعٌ مُسالِم، مطبوع الهدوء.
٢
أثر الجمع على الفرد
كعوامل الإعراب على الكلمة
و بما أن التقنية في أحد وجوهها الفضولية
لا تترك خليَّ الاهتمامِ على حال مِن السكون
كان لزاماً لمُنادي الانشغال أن يصرخَ في جيوش الهم بأن تزحف على قلبه للوصول إلى فكره، فدَبَّ منها ما جاس فأوجس؛ و بدأ يرخي السمع، و يُرسل النظر.
٣
كوجوه الإعراب و التخريجات، كان يُجوِّزُ أغلبَ ما يصل إليه من ظنون بكثير اجتهادٍ أو قليله، تُدعِّمُ هذه التأويلات أحاديث القوم، و تتسع حدقةُ متابعته لتشمل العالَم؛ فيضيقُ صدرُه كلما اتسعتْ عينُه، مُتذكِّرا مقولة ( النفري) التي تُشغله:
" كلما اتسعتْ الرؤية ضاقت العبارة "
٤
في دِقَّةِ التشكيلِ لصورة المفردة بات يتحسَّسُ ظاهرَه،فعندما تضفي الشمسُ دفأً زائداً يسابق للقياس مع سابغ الاحتياط،و عندما تثير رائحة عابرة عطاسه يهرع لسَعَوط ادخرَه مؤخرا، و عندما تعترض له كُحة ينتخبُ لها طازج المضاد من فصيلة الجذور، إيماناً منه بأن نتاج الأرض خير دواء للجسد.