- صاحب المنشور: ولاء بن منصور
ملخص النقاش:
في العصر الرقمي الحالي، أصبح وجود التكنولوجيا جزءاً أساسياً ومؤثراً في حياتنا اليومية. وقد أدى هذا الانغماس المتزايد للتقنية إلى تغيير جذري وكبير في طبيعة العلاقات الأسرية. بينما توفر التقنيات الحديثة وسائل للتواصل الفوري والوصول إلى المعلومات بسرعة غير مسبوقة، إلا أنها قد تضع أيضاً تحديات جديدة أمام الأسرة التقليدية.
تبدأ المشكلة عندما يصبح استخدام الشاشات والأجهزة الإلكترونية أكثر شيوعاً وأكثر استقطاباً للأفراد داخل المنزل. فقد أفادت دراسات مختلفة بأن الوقت الذي يقضيه الأفراد أمام هذه الشاشات يتجاوز بكثير وقت تفاعلهم الشخصي والحقيقي مع الآخرين ضمن بيئة المنزل. يؤدي هذا التحول نحو التركيز الزائد على العالم الرقمي إلى تقليل فرص التواصل الاجتماعي الحقيقية بين أفراد الأسرة. يمكن لهذه الظاهرة أن تتسبب في ضعف الروابط الاجتماعية والعاطفية بين الأعضاء المختلفين للعائلة الواحدة، مما يعزز الشعور بالعزلة ويقلل من فهم واحترام المبادئ والقيم الأساسية التي تبنتها تلك البيئات عبر التاريخ البشري الطويل.
بالإضافة لذلك، فإن تأثير الإعلام والترويج لعالم رقمي مثالي -وغير الواقعي غالباً- يساهم أيضا في زيادة الضغط النفسي لأفراد الأسرة الذين يشعرون بعدم قدرتهم على تحقيق مستوى "الكمال" كما يجسدونه مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات الرقمية. وهذه ظاهرة معروفة باسم "متلازمة الوهم"، وهي حالة نفسية تكمن خلف شعور العديد ممن يستخدمون الإنترنت بمراقبة مستمرة لهم ولحياتهم الخاصة وبالتالي تشكل ضغطا كبيرا يترجم عادة إلى مشاكل مثل الاحباط وفقدان الثقة بالنفس والخجل العام.
ومن ناحية أخرى، هناك جوانب ايجابية لإدخال التكنولوجيا في الحياة الأسرية؛ فالوسائل الجديدة للتواصل والمشاركة الثقافية والفنية تعطي فرصة لتعميق الروابط العائلية وتعزيز الانتماء الثقافي لدى الأطفال والشباب خاصة. كذلك، يمكن استخدام بعض البرمجيات التعليمية لجعل التعلم تجربة ممتعة وجذابة لكل فرد بغض النظر عن عمره أو خلفيته العلمية. هنا يكمن الحل الأمثل وهو الموازنة بين فوائد واستخداماته الضارة بالتكنولوجيا حتى نستغل الإمكانيات الرائعة لها بطرق صحية وآمنة تضمن سلامة وصحة المجتمعات المحلية والدولية أيضًا!
وفي الختام، يبدو واضحًا أن علاقتنا بالتقنية هي قضية ملحة تستحق البحث والنظر الدءوب لما لهما دور كبير فيما نواجه حاليًا وما سيأتي لاحقا بالنسبة لكيفية بناء مجتمع متماسك قائم على قيم احترام الذات والآخرين والحفاظ عليها بأفضل صورة ممكنة وسط عالم مليء بالمخاطر المحتملة بسبب سوء الاستخدام وانتشار الأفكار المغلوطة حول قدرات الإنسان الطبيعية مقارنة بعناصر خارجية مجردة كالأنظمة الذكية المختلفة مثل الذكاء الصناعي وغيرها الكثير....