ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم، فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله، وذكرّهم، وحذرّهم، ووعظهم،
فقالوا له: إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة من صفتها كيت وكيت، وذكروا أوصافاً سمّوها ونعتوها، وتعنّتوا فيها، وأن تكون عشراء طويلة، من صفتها كذا وكذا.
فقال لهم النبي صالح عليه السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به.
قالوا: نعم،
فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك، ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قُدِّر له، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا.
فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على الصفة التي نعتوا، فلما عاينوها كذلك، رأوا أمرًا عظيمًا، ومنظرًا هائلًا، وقدرة باهرة، ودليلًا قاطعًا، وبرهانًا ساطعًا، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم، وعنادهم.
قال لهم صالح عليه السلام : (ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب)
أن تبقى هذه الناقة بينهم، ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يوما بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، ويقال إنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم.
فلما طال عليهم الحال هذا، اجتمعوا واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة ليستريحوا منها، ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم.
وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم "قدار بن سالف بن جندع" وكان أحمر أزرق أصهب، وكان يقال إنه ولد زانية، ولد على فراش سالف وهو ابن رجل يقال له: صبيان.