- صاحب المنشور: شذى بن إدريس
ملخص النقاش:
مع التطور المتسارع للتكنولوجيا، أصبح العالم الرقمي جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. هذا التحول الكبير لم يمر دون أن يؤثر على القطاع التعليمي الذي يشهد تحديات وتغيرات كبيرة. إحدى هذه الابتكارات الواعدة هي التعليم الإلكتروني أو التعلم عبر الإنترنت، والذي قدم فرصًا جديدة للوصول إلى التعليم العالي وجودته لأعداد أكبر من الطلاب حول العالم. ولكن هل يمكن لهذا النوع الجديد من التعليم أن يحل محل النظام التقليدي؟ وماذا عن البعد الشخصي والتفاصيل الفردية لكل طالب؟
**التعليم الإلكتروني: فرصة أم تهديد؟**
في السنوات الأخيرة، شهدنا طفرة في توفير الدورات الدراسية عبر الإنترنت التي تغطي مجموعة واسعة من المواضيع الأكاديمية. تقدم العديد من الجامعات والمؤسسات الدولية مثل كورسيرا، إدكس، وفيرتوسو دورات مجانية وممولة تشجعها الحكومات كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الشمولية في الوصول إلى التعليم. تعتبر هذه المنصات الإلكترونية مثالية لإدارة الدروس الجماعية والتفاعل مع الطلاب من مختلف الثقافات والجنسيات. كما أنها توفر مرونة غير مسبوقة حيث يمكن للطالب اختيار جدول دراسته الخاص وفقًا لظروفه الشخصية والتزاماته الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تكون تكلفة الحصول على شهادتها أقل بكثير مقارنة بالجامعات التقليدية.
ومع ذلك، هناك مخاوف مشروعة بشأن نوعية التدريس وعدالة القياس والإشراف. قد ينزعج البعض من فقدان الجانب الاجتماعي والأخلاقي الذي يتميز به البيئة الحية داخل حرم جامعي تقليدي. علاوة على ذلك، فإن بعض العمليات المعقدة كتدريب الأطباء المهنيين والمعلمين تحتاج إلى خبرة مباشرة تتطلب حضور بدنيا للموارد اللازمة لتقديم تلك الخبرة العملية بشكل فعّال.
**التعلم الشخصي: إعادة النظر في النهج التعليمي**
لتلبية الاحتياجات الفردية للطلاب وتعزيز تجربة التعلم الشاملة، ظهر مصطلح "التعلم الشخصي" كمفهوم جديد يتحدى الأساليب القديمة. يشمل هذا الاتجاه استخدام الأدوات الذكية وأنظمة إدارة التعلم الآلي لتخصيص محتوى التعلم بناءً على مستوى فهم كل فرد واحتياجاته الخاصة. يستطيع نظام تعلم ذكي تحديد نقاط قوة وضعف الطالب ومن ثم تصميم خطة تعليمية تناسب وتواكب تقدمه. وبالتالي، يتم تحويل التركيز من أخذ دورة موحدة إلى رحلة تعليمية شخصية ذات أهداف واضحة ومتابعة دقيقة.
هذه الثورة التكنولوجية ستغير وجه التعليم بشكل جذري خلال العقود القادمة. فبينما تسعى المؤسسات التعليمية لاستغلال مميزات التعليم الإلكتروني، تعمل أيضًا على تطوير طرق مبتكرة لجذب طلابها وتحسين أدائهم. وفي النهاية، سيصبح الفصل الدراسي متعدد الوسائل أكثر شيوعًا -حيث يجتمع فيه الطلاب الفيزيائيون والدُرَاسيون افتراضيون تحت مظلة واحدة. إن التكامل الناجح بين التعليم الإلكتروني والحضور البدني سوف يكفل تحقيق النمو المستدام للمنظومة التعليمية بأسرها.