في السنوات الأخيرة، سلطت الدراسات العلمية الضوء بشكل متزايد على التأثيرات الخطيرة للتغير المناخي على النظم البيئية البحرية. يمثل المحيط جزءًا حيويًا ومترابطًا بشدة من كوكبنا، وتشير الدلائل المتزايدة إلى أن تغير المناخ يؤثر عليه بطرق عديدة ومقلقة.
ارتفاع درجات الحرارة والتأثير على الحياة البحرية
واحدة من أبرز تأثيرات تغير المناخ هي زيادة متوسط درجة حرارة سطح البحر. وفقاً لتقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، ارتفع متوسط درجة حرارة مياه البحار بمقدار حوالي 0.77 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة منذ عام 1880. هذه الزيادة الصغيرة قد تبدو غير مهمة، لكن لها عواقب بعيدة المدى.
إن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى توسيع نطاق الشعاب المرجانية ذات المناخ الأكثر دفئاً، مما يمكن أن يقوض التنوع الحيوي ويؤثر سلبياً على سلسلة الغذاء التي تعتمد عليها العديد من الأنواع البحرية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إجهاد الحر والاحترار البيولوجي للمياه يزيدان من عرضة بعض الأنواع للصدا والقشريات المرضية والأمراض الأخرى.
الحمضية البحرية وانخفاض توافر الكالسيوم
يتسبب انبعاث ثاني أكسيد الكربون أيضًا في حمضية مياه المحيطات بسبب عملية امتصاص الماء لهذا الغاز، والتي تؤدي بدورها إلى تكوين الأحماض الكربونية. وهذا يعني أنه مع مرور الوقت، تصبح المياه أقل قلوية وبالتالي أكثر حمضية. تعد هذه الظاهرة مشكلة كبيرة لأن القواقع والمحار وغيرها من اللافقاريات الهامة تتطلب وجود كميات مناسبة من الكالسيوم لبناء صدفها وحماية نفسها. عندما تنخفض مستويات الكالسيوم بسبب الحموضة المتزايدة، فقد يكون لهذه الآثار الوخيمة التي تمتد عبر الطعام السلسلي الحيوي.
ذوبان الصفائح الثلجية والجليد البحري
تأثير آخر واضح وهو انهيار الصفائح الجليدية القطبية الشمالية والجنوبية نتيجة لتسخين العالم العالمي. يؤدي الذوبان الشديد لمراكز هذه المناطق الباردة والمغطاة بالثلوج إلى رفع مستوى سطح البحر عالميًا بنسب عالية للغاية خلال القرن الواحد والعشرين المقبل لو استمر الاتجاه الحالي. ترتبط حالات الفيضان المستمرة والحرائق البرية الناجمة جزئيا عن تغيرات الطقس بهذه العملية المضطربة أيضاً.
الاستنتاج والتوصيات
من الواضح تمام الرؤية الآن مدى عمق تأثير تغير المناخ المحتمل على نظام بيئة محيطاتنا الفريد والمعقد بالفعل؛ ومع ذلك، هناك أملاً قائماً! إن الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز جهود التكيف التي تستهدف المناطق معرضة بصورة أثقل للحفاظ على الصحة العامة والنظام الغذائي للشعب والسكان المحليين هي خطوة أولى ضرورية لحماية مواردنا الطبيعية للغذاء والأكسجين وللزينة الجميلة تحت موجة المياه الزرقاء العميقة . ويجب علينا جميعا العمل سويا نحو بناء اقتصاد أخضر وصالح للأجيال التالية، وذلك كي نحافظ لما تبقى لنا من جمال خالق الطبيعة الرائعة - حتى وإن كانت تلك الرحلة طويلة وشاقة ولكن بإمكان الإنسانية تحقيق المعجزات حين تعمل مجتمع واحد !