تقرر العالمة النفسية "اليس فرينكل" في بحث شهير منتصف القرن العشرين: أن الأشخاص الذين لايعترفون بوجود التناقض والإلتباس والغموض العاطفي ليسو مرنين تجاه التعدد العقلي وقبول الآخر، وأنهم يتعاملون مع الغموض كمصدر تهديد وخوف، وأن عدم التسامح مع الغموض قد يؤدي إلى إضطراب نفسي =
وحالة من الإكتئاب، فيما حدد بعض الباحثين السمات الأساسية التي تميز الشخصيات غير المتسامحة مع التناقض والغموض؛هنا بعضها:
1- الحاجة إلى التصنيف والتقسيم بحدود واضحة.
2- الحاجة إلى اليقين.
3- عدم القدرة على تقبل وجود سمات جيدة وسيئة في ذات الشخص.
والحقيقة أن المتأمل في طبيعة العالم=
يجد أن الغموض جزء من تركيبة الحياة ومظهر العالم وناموسه، فكل يوم يوجد النهار بنوره ويعقبه الليل بظلام يخفي كل شيء تحت ستاره، ولكل أنسان منّا ظاهر يكشفه وباطن لانعلمه، وهما مرتبطان ارتباطاً وثيقاً ولهذا قد تعرف شخصاً لسنوات طويلة جداً ولازال جزء منه لايمكنك أن تكشفه أو تصل إليه =
وهذا لايجعله مصدر تهديد أو موضع خطر، وإذا كان هذا الغموض جزء من تركيبة الكون المادي وطبيعة العالم الظاهري، فكيف بكوننا الداخلي وعالمنا الوجداني الذي يغلب عليه الغموض والتناقض ويصعب تصنيفه وتقسيمه، بل حتى في عواطفنا ومشاعرنا لايوجد شعور يخرج منفصلاً وحيداً غير ممتزج مع غيره =
فالإنسان عبارة عن خليط وألوان من مشاعر وعواطف ورغبات؛ امتزجت مع لحم ودم وكتلة طين ثم التحمت بعالم اللغة، وهذا المزيج العجيب والخليط المعقد قد يتناغم في أحوال وكأنه يصدرُ عن وتر واحد، وقد يتنافر ويتحول إلى فوضى أشلاء مواقف وتناقض اصوات.
=