في هذا المقال، سنستعرض معاً التفاسير المتنوعة لأول ثلاثة آيات من سورة الطارق، والتي تقرأ: "والسماء والطارق، وما أدراك ما الطارق، النجم الثاقب". هذه الآيات تحمل قسم الرب عز وجل بأمور عظيمة، مما يدل على أهميتها وحكمتها.
قال الإمام الطبري -رحمه الله-: إن الله سبحانه وتعالى أقسم بالسماء وبـ"الطارق"، وهو نجم متوهج يلفت النظر ليلاً فقط بينما يخبو خلال النهار. وتوضيحاً لما يقصد بالطارق، يؤكد ابن كثير أن المعنى هو "النجم الثاقب"، أي النجم اللامع والمضيء. وهناك تفسيرات أخرى لهذا الوصف مثل قول ابن عباس والسدي وعكرمة الذين فسروا الثاقب بأنه مضيء ومحرق للشياطين بسبب بريقه المبهر.
أما المقسم عليه في هذه الآيات العظيمة فهو أمر أكيد وخاطب النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: "إن كل نفس لمّا عليها حافظ". يشير هذا إلى وجود ملاكيي الحفظة لكل شخص مسؤول عن حماية النفس البشرية من الأذى بإذن الله حسب الحديث الشريف الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "إذا خلق الله أحدكم وضع عليه موضع قبره ومكتوب عمله ومكتوب أجلُّه ومختومة شقي أم سعيد..." نلاحظ هنا توافق الآيتين القرآنيتين والحديث الكريم لإظهار حكمتهما وعدلهما.
وبهذا الفهم الواضح والمعمق لتلك الآيات الكريمة، تتضح لنا قوة القسم الرباني بها ومعانيه المؤثرة التي تدل على قدرة الله وسلطانه وقدرته لحماية عباده والتدبير بخلقاته وفق مشيئته الحكيمة.