يقلب الله الأمر كيفما شاء , و تسبقُ رحمتُه غضبَه ,,
سعى رجلٌ من أهل الكوفة في فساد دولة المنصور , فعلم به و جعل لمن يدل عليه أو يدركه مائة ألف درهم , فتغيّب المطلوب عن العيون حيناً من الوقت إلى أن ملّ الاختفاء , فظهر في مدينة السلام فعرفه رجلٌ من المارّة ..
- فأخذ بمجامع ثيابه و نادى بأعلى صوته : هذا طلبة أمير المؤمنين .
فاجتمع عليه الناس , فسمع وقع حوافر الخيل فالتفت فإذا به معن بن زائدة .
- فصاح : يا أبا الوليد أنا في جيرتك .
- فتوقف معن و قال : ما شأن هذا ؟
- فقال الرجل : هذا طلبة أمير المؤمنين .
- فصاح معن : دعه ! ..
- فصاح الرجل : أيحال بيني و بين طلبة أمير المؤمنين ؟
- فنادى هناك بأعلى صوته : نصيحةٌ لأمير المؤمنين !
- قال : نعم يا أمير المؤمنين .
- قال المنصور : أوتعتذر بنعم أيضا ؟ و اشتدّ غضبه .
- فقال معن : يا أمير المؤمنين بالأمس بعثتني لليمن مقدّم الجيش , فقتلت في طاعتك في يومٍ واحد أحد عشرة آلاف نفس , و لي مثل ذلك كثير ..
ثم أردفه خلفه و مضى ,
و لم يبرح معن حتى خلّص المطلوب من أهل المدينة .
أما الرجل الذي قبض على المطلوب فقد قصد باب أمير المؤمين
فأمر المنصور بإدخاله ,
فدخل الرجل و أخبر المنصور بما فعل معن .
فأمر المنصور بإحضار معن .
فلما أتت رسل المنصور إلى معن , جمع معن كل بنيه و عبيده و قال لهم : لا تسّلموا هذا الرجل و منكم أحدٌ يعيش , و غادرهم قاصداً المنصور .
ثم دخل على المنصور و سلّم , فلم يرد المنصور عليه ! ..
- وقال : يا معن , أتجير علينا عدوّنا ؟