- صاحب المنشور: رؤوف الشرقاوي
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهدت العديد من البلدان الإسلامية نقاشاً حادّاً حول حاجتها إلى تحديث وتطوير نظمها التعليمية الجامعية. هذا النقاش ليس جديدا ولكنه أصبح أكثر طموحًا وأكثر حسماً مع دخولنا القرن الحادي والعشرين. هناك عدة عوامل رئيسية تعزز هذه الرغبة بالإصلاح؛ منها الضغط المتزايد للتكيف مع متطلبات الأسواق العالمية التي تتغير باستمرار، والحاجة الملحة لتلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية المحلية، بالإضافة إلى ضرورة مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة.
إلا أنه رغم أهمية الإصلاح لتحقيق تقدم مستدام، فإن العملية تواجه مجموعة من العقبات والقضايا القانونية المعقدة. أحد أكبر هذه التحديات يكمن في القوانين والشرائع الدينية الخاصة بالتعليم. الإسلام له آرائه الخاصة فيما يتعلق بتنظيم التعليم والمعرفة، خاصة عند التعامل مع المواضيع مثل الجنسانية والدراسات الإنسانية والفلسفية. بالتالي، يصبح الأمر محيرا لكيفية تحقيق التوازن بين تطبيق الشريعة وضمان جودة وجودة عالية للتعليم الذي يلبي تطلعات الطلاب المعاصرين ورغباتهم الأكاديمية.
القضية ذات الصلة الأخرى هي الجانب السياسي والأخلاقي للقضايا المرتبطة بالتمويل والإدارة داخل المؤسسات التعليمية العليا. غالبًا ما تعتبر الأموال العامة جزءًا حيويًا من موارد أي نظام تعليمي جامعي فعّال، ولكن كيفية إدارة تلك الأموال وكيف يتم ضمان استخدامها بطريقة شفافة ومحمية ضد الفساد يمكن أن تكون مسألة خلاف كبيرة. كما يناقش العديد أيضًا دور القطاع الخاص والمؤسسات الخيرية وغير الربحية كبديل أو عامل مكمل للموارد الحكومية.
ثم يأتي الشكل الحالي للنظام التربوي نفسه تحت المجهر. يتضمن تصميم المناهج الدراسية وإعادة هيكلتها تحديًا كبيرًا بسبب الاصطدام المحتمل بعوامل ثقافية وروحية مهمة بالنسبة لأغلبية المجتمعات المسلمة. علاوة على ذلك، قد تؤدي جهود التحسين التقنية نحو "الجامعة الذكية" التي تدفع بها بعض الأوساط الثقافية الغربية بسرعة نحو رقمنة الكليات والمدارس، وقد تقابل بمقاومة شديدة بناءً على الاعتقاد بانخفاض مستوى الاتصال الشخصي وبالتالي فقدان قيمة البشر قبل كل شيء - وهو أمر ذو أهمية بالغة في معظم الأنظمة التعليمية الإسلامية المعمول بها حالياً.
وأخيراً وليس آخراً، تحتاج عملية تحليل فاعلية البرامج الحالية للاعتماد الأكاديمي الدولي المستقل لمراجعة قدرتها على اعتماد أفضل الممارسات الدولية للأبحاث العليا مع احترام الهوية الثقافية لكل بلد منظور عليه. وهذا يعني طرح تساؤلات بشأن ما إذا كان بإمكان منظومات الاعتماد الموجودة عالمياً تكييف سياساتها بما يحترم مبادئ وقيم المجتمعات ذات الخلفيات المختلفة تمام الانطباق مع التقليد الأوروبي والأمريكي القديم العهد والذي يقوم أساسا على مفاهيم حقوق الإنسان المنفصلة والتي نادرًا ما تأخذ بنظر الاعتبار اعتبارات اجتماعية وثقافية واسعة النطاق كتلك الواجب دراستها هنا الآن.