- صاحب المنشور: هبة الديب
ملخص النقاش:
في المجتمع الإسلامي، تلعب القيم والأحكام الشرعية دوراً محورياً في تعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية. يُعتبر تحقيق العدل ركيزة أساسية للإسلام، حيث يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية على أهميتها. هذا التركيز على العدالة ينعكس في مختلف جوانب الحياة اليومية، من العلاقات بين الأفراد إلى التوزيع العادل للثروة والموارد.
العدل في التعاملات الاقتصادية:
الإسلام يشدد على ضرورة عدم الظلم في المعاملات التجارية. يحرم الربا (الفائدة) ويحث بدلاً منه على البيوع المشروعة مثل البيع والشراء والقراض (الاستثمار بالشركة). كما يشجع على التجارة العادلة وتجنب الغش والتلاعب بالأوزان والمقادير. يقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين" [النساء:135]. هذه الآية تؤكد على أهمية الشهادة بالحق وعدم الخوف من عواقب ذلك حتى لو كانت ضد الأقارب.
توزيع الثروات عبر الزكاة والصدقة:
أداة أخرى للعدالة الاقتصادية هي الزكاة، وهي عبادة فرضها الله على المسلمين لتنقية الأموال وإعادة توزيعها بطريقة عادلة. تُخصص أموال الزكاة للمستحقين كالفقراء والمعوزين وأصحاب الحاجة. بالإضافة إلى الزكاة، تشجع الأحاديث النبوية الصدقات والنذور التي تعد واجبات غير إلزامية ولكنها تعتبر أعمالاً خيرية تساهم في تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
مساعدة المحتاجين والحفاظ على حقوقهم:
بالإضافة إلى الدعم المالي، يولي الإسلام اهتمامًا كبيرًا بالحماية القانونية لحقوق الناس. فقد حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الدفاع عن الضعفاء وحمايتهم من الظلم. ومن الأمثلة البارزة لذلك دعوته لإطلاق سراح الأسير الذي كان محبوساً ظلماً. كذلك أكدت شريعة الإسلام على حرمان الأشخاص الذين يساهمون في إيذاء الآخرين من الوصول لأصولهم وممتلكاتهم.
معايير الأخلاق العامة:
تتجاوز قضية العدل نطاق المعاملات المالية لتشمل جميع جوانب الحياة. يُعتبر احترام كرامة الإنسان أساسياً، سواء كان غنياً أو فقيراً. تحظر الشريعة الإسلامية كل أشكال الاستغلال والإهانة للجوانب الإنسانية للعبد. يدعو الدين أيضًا المسلمين لأن يتحلوا بالأخلاق الحميدة في تعاملهم مع بعضهم البعض وفي مجتمعاتهم.
خلاصة:
تشكل رؤية الإسلام حول العدالة الاجتماعية والاقتصادية نظاماً شاملاً ومتوازنا. فهو لا يقصر دوره على تنظيم المسائل المالية، بل يركز أيضاً على الجانب الروحي للأفراد والجماعة. بالتطبيق الصحيح لهذه المبادئ، يمكن للمجتمعات الإسلامية تحقيق حالة من الاستقرار الاجتماعي والقضاء على كثير من ظواهر عدم العدالة. وهذا يدفع نحو بناء مجتمع أكثر عدالة وتكافؤ الفرص لكل أفراده.