كيف نفسر حديث كنت سمعه دون الوقوع في حلول؟ دليل السلف على الإيمان بالصفات الربانية

التعليقات · 1 مشاهدات

في الحديث القدسي المتعلق بحب الله لعباده وإيثاره طاعاتهم السنتهم، يظهر النبي محمد صلى الله عليه وسلم كلام الله سبحانه وتعالى حول علاقة المؤمن المتقرب

في الحديث القدسي المتعلق بحب الله لعباده وإيثاره طاعاتهم السنتهم، يظهر النبي محمد صلى الله عليه وسلم كلام الله سبحانه وتعالى حول علاقة المؤمن المتقرب بالله. يقول الله في الحديث: "ولو أتاني عبدي ناصيته بيده لرأيت له أجراً". ثم يأمر الرسول الكريم بتفسير ذلك قائلاً: "ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً...". وفي نهاية الحديث، يعبر القرآن عن مستوى التقارب الأعظم عندما يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المؤمن عند حب الله يكون: "كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها".

هذا الجزء من الحديث قد تم اختلافه وتلاعبه بواسطة البعض لتدعيم أفكارهم الوثنية مثل الحلول والإتحاد. هؤلاء الأدعياء ادعوا أن هذا يشير إلى اتحاد الخالق بالمخلوق، حيث تصبح الذات البشرية هي نفسها ذات المعبود. ولكن، فإن النظر في السياق الكامل للحديث وفهمه حسب توجيهات الأئمة الأصوليين كالشيخ علوي بن عبد القادر السقاف، وابن تيمية، والحافظ ابن حجر المصري يكشف بشكل واضح عن خطأ هذه التفسيرات الضالة.

فالحديث ليس فقط يقيم تفكيراً دقيقاً بين الخالق والمخلوق، ولكنه أيضاً يؤكد وجود الحب والمحبوب، بالإضافة إلى المساعي الإنسانية والاستجابة الإلهية. كما أنه يحذر ضد الأفكار التي قد تؤدي إلى الاحتقار الذاتي وتحويل الإنسان إلى مجرد امتداد للحقيقة الأعلى.

على سبيل المثال، وفق ما ذكر الشيخ ابن تيمية، كل من الملاحدة والاتحاديون يستخدمون هذا الحديث لدعم معتقداتهم الزائفة حول الطبيعة الموحدة للموجودات. إلا أن الحديث نفسه يعد حجتهم لأن فيه تحديد مفهوم للخالق والمخلوق، وكذلك تعريف للعبد والراعي. حتى تعبير "كونت سمعه... رجله"، رغم أنه يبدو وكأن الجسم الإنساني أصبح جسماً إلهياً، فهو في الواقع يشير إلى درجة عالية جداً من التواصل الروحي والترابط الروحي بين الله ومحبّه.

باختصار، فهم هذا الحديث بطريقة تتوافق مع العقيدة الإسلامية الصحيحة يتطلب التركيز على الديمومة الفصلية بين الخالق والمخلوق وعلى تطوير العلاقة الشخصية العميقة بين المؤمن والخالق.

التعليقات