مع تزايد الاهتمام بالصحة والتغذية، باتت العلاقة بين النظام الغذائي والصحة العامة مجالاً رئيسياً للبحث العلمي. ومع ذلك، فإن فهم كيفية تأثر هذه العلاقة بعوامل وراثية يضيف طبقة جديدة ومثيرة للاهتمام لهذه الدراسة. دراسات متعددة أكدت وجود اختلافات فردية واضحة فيما يتعلق بكيفية استجابة الجسم للتغييرات الغذائية، وهو ما يمكن أن يعزى جزئياً إلى الاختلافات الوراثية.
في قلب هذا البحث يكمن دور البروتينات المسؤولة عن هضم وتخزين وتوزيع المغذيات المختلفة داخل جسم الإنسان. بعض الأشخاص يحملون نسخاً معينة من الجينات التي قد تؤدي إلى مقاومة أكبر لمستويات عالية من الدهون المشبعة، بينما البعض الآخر ربما يكون لديه قدرة أقل على التعامل مع نسبة سكر الدم المرتفعة بعد وجبة غنية بالنشويات.
هذه الأمور ليست فقط متعلقة بقدرتك الشخصية على التحكم بما تأكل ولكن أيضا حول كيف يستجيب جسمك لما تتناوله. وقد أدى استخدام تقنيات التسلسل الجيني الحديثة إلى تقدم كبير في تحديد loci - المواقع المحددة على الحمض النووي الذي يؤثر بشكل مباشر على الاستقلاب (التمثيل الغذائي).
على سبيل المثال، هناك نسخة شائعة من الجين FTO والتي ترتبط عادة بنشاط أعلى لهرمون اللبتين – المسؤول عن الإشارات الشبع والجوع في الدماغ. أولئك الذين لديهم نسختان من الجين FTO الأكثر شيوعا هم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة حتى لو كانوا يأكلون نفس كميات الطعام كغيرهم ممن ليسوا حاملين لها.
ولكن يجب التنويه هنا أنه رغم كل هذا، فإنه لا يوجد "حمية واحدة تناسب الجميع". ما يعمل لأحد الشخص قد لا ينطبق بالضرورة على شخص آخر بناءً على خلفيته الوراثية الفريدة. وهذا يشجع الحاجة إلى نهج شخصي ومتعدد التخصصات عند تقديم النصائح الصحية والنظام الغذائي.
لذا، عندما تجلس لتخطيط نظام غذائي جديد أو تحاول اتخاذ خيارات صحية، ذكّر نفسك بأن رحلتك قد تكون فريدة بسبب تركيب حمض النوكليك الخاص بك. إن فهم التأثير المحتمل للحمض النووي لديك على تناول الغذاء والاستجابات الصحية الخاصة بك يمكن أن يساعدك حقاً على تحقيق أهداف الصحة والعافية بطريقة فعالة ومخصصة لك وحدك.
