للزلازلِ أثر وعبر باقية بكتب ومراجع التاريخ الإسلامي، وأستذكر منها الزلازل التي حدثت في القرن السادس من الهجرة.
ولاشك بإنَّ بلاد الشامِ كثرت فيها الزلازل على مر التاريخ ولذلكَ أثرٌ أدبيٌ وشعريٌ حزين يرثي مدناً وقرىً هُدِمت نتيجة الزلازل.
ومن الآثار ماذكره الامير والشاعر أسامة بن منقذ الكناني الذي وُلِد عام ٤٨٨ من الهجرة بحصن شيزر الواقع ضمن محافظة حماة في سوريا اليوم.
وفي عام ٥٥٢ خرج ابن المنقذ في سفر خارج الحصن وعاد وإذا بإهله وعشيرته من بني منقذٍ الذين هم أمراء الحصن أمواتٌ جميعا من الزلزال الواقع في وقت سفره.
وألّف أسامة بن المنقذ كتابه (المنازل والديار) إثر هذه المصيبة التي تركت حزناً كبيراً في نفسه، فكانت هذه أعظم نكبة ونائبة عاشها في حياته.
ويقول في إحدى أجمل قصائده وأشدها حزنا واصفا سوء الحال:
حمائِمَ الأيكِ هيّجتُنَّ أشجانا
فليبكِ أصدقُنا بثّاً وأَشجانا
ما استدرَجَ الموتُ قومي في هلاكِهِمُ
ولا تخرَّمَهمْ مَثْنى ووُحدانا
وفاجأتْهُمْ مِن الأَيّامِ قارِعةٌ
سقتهُمُ بكؤوسِ الموتِ ذَيْفانا
ماتوا جميعاً كَرجعِ الطَّرْفِ وانقرضوا
هل ما تَرى تارِكٌ للعينِ إنْسانا
فلو رأَوْني لقالوا مات أسعدُنا
وعاشَ للهَمِّ والأحزانِ أشقانا
لم يترك الموتُ منهم من يُخبِّرُني
عنهم فيُوضِحُ ما لاقَوْهُ تِبيانا
هذي قصورُهُمُ أمست قبورَهُمُ
كذاكَ كانوا بها من قبلُ سكّانا
ويحَ الزّلازِلِ أفنَت مَعشَري فإذا
ذكَرتُهُم خِلتُني في القوم سَكرانا