تأثير التكنولوجيا على العلاقات الاجتماعية: دراسة تحليلية

في العصر الحديث الذي يتميز بتطور تكنولوجي متسارع، أصبح للتكنولوجيا دور بارز ومؤثر في حياتنا اليومية. هذا التأثير لم يقتصر على الجوانب العملية والاقتصا

  • صاحب المنشور: سندس بن زروال

    ملخص النقاش:
    في العصر الحديث الذي يتميز بتطور تكنولوجي متسارع، أصبح للتكنولوجيا دور بارز ومؤثر في حياتنا اليومية. هذا التأثير لم يقتصر على الجوانب العملية والاقتصادية فحسب، بل امتد أيضًا إلى جوانب اجتماعية مهمة مثل العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع. من ناحية، توفر وسائل التواصل الاجتماعي والشركات التقنية الحديثة قنوات اتصال غير مسبوقة تربط الناس حول العالم بغض النظر عن المسافات أو الحواجز الثقافية. ولكن من الناحية الأخرى، هناك مخاوف بشأن تأثير هذه الأدوات الجديدة على جودة العلاقات الإنسانية والثقة المتبادلة بين أفراد الأسرة والأصدقاء والعلاقات الرومانسية.

القرب الافتراضي والدفء الحقيقي

أصبحت الشبكات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من روتين الكثيرين، حيث يمكن للأشخاص التواصل والتفاعل مع الآخرين بسرعة وكفاءة أكبر بكثير مما كان ممكنًا بالأمس البعيد. إنها تتيح لنا البقاء على اطلاع دائم بأحداث حياة أحبائنا وتقديم الدعم لهم حتى لو كنا بعيدين جغرافياً. بالإضافة إلى ذلك، قد تساعد شبكات الإنترنت بعض الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في العلاقات الشخصية بسبب خجل اجتماعي أو اضطراب نفسي معين. ومع ذلك، فإن "القرب" الذي تقدمه التكنولوجيا غالبًا ما يكون سطحياً وغير عميق كالذي نحصل عليه عبر اللقاءات وجهاً لوجه. فقدان الشعور بالعلاقة الحميمة والحميمية الفعلية التي تأتي من التجربة المشتركة والمعايشة اللحظية أمر مقلق للغاية بالنسبة للكثيرين ممن يشعرون بانعدام الاتصال العميق رغم زيادة كميات الاتصالات الرقمية.

الانفصال عن الواقع وعدم الكفاية الاجتماعية

يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية وأوقات الشاشة الطويلة إلى عزل مستخدميها عن محيطهم البيئي الطبيعي ومن حولهم مباشرة. قد تشكل هذه الظاهرة عبئاً خاصاً عند الأطفال والمراهقين الذين يتعرضون لهذه الآثار المحتملة مبكرًا جدًا خلال مراحل نموهم الحاسمة. علاوة على ذلك، ربما تساهم وسائل الإعلام الاجتماعية أيضاً في انتشار مشاعر عدم كفايتنا الذاتيّة ونقص الثقة بالنفس؛ عندما نقارن أنفسنا باستمرار بمجموعة "الأهداف المثالية" التي نراها أمامنا دائماً عبر شاشتنا الصغيرة. إن الصورة الزائفة للعظمة والسعادة والتي تقوم عليها معظم المنشورات -رغم كونها خداعاً ذاتياً جزئيا- إلّا أنها تُغذي نوعاً من المقارنة الضميرية بين الذات والفكرة الخاطئة عن الحياة الأمثل لدى الغير وهذا بالتأكيد ليس بصحي نفسيا واجتماعيا للمستخدمين الصغار والكبار أيضا!

الاستخدام المسؤول والتوازن

لا يمكن تجاهُلِ أهمية تطبيق حدود أخلاقية واستراتيجية جيدة لاستخدام الوسائل الرقمية للحفاظ على توازن صحي بين عالمَيْ offline وonline . فالاستخدام المنتظم لممارسات صحية رقميَّة يستطيع تحقيق مكاسب هائلة لصحتكم النفسيَّة والجسدِيَّة ويمكن لذلك المحافظة علي الصحة العامة لعلاقاتكم الشخصيَّة والإجتماعية بشكل عام . إنه وقت مناسب جدَا لإعادة تعريف الأولويات وإعادة ترتيب النظام اليومي بما يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الإنسانية الأساسية لكل فرد ، فمحاولة الجمع بين أفضل ما تقدمه التكنولوجيا وبين طبيعتنا البشرية سوف يساعد بلا شك فى تطوير مجتمع أكثر انسجامآ وصحة جماعية . لذا دعونا نجتهد لنضع خطوطا واضحة لدخول وخروج تقنيانا فيما يسمح بالحصول علي كل إيجابيات ثورة المعلومات دون الوقوع ضحايا لسوداويتها المدمرة إذا تم توجيه تلك التقانة بطريقة خاطئة وفق نظرية "أن الأشياء الجميلة تبدأ بسيطة".


نورة بن بركة

6 مدونة المشاركات

التعليقات