المزاج عند الفلاسفة هو الأخلاط أو العناصر التي تكوّن الجسد، ويرى جمهورهم بأنّ التفاوت بين الناس هو من جهة هذا المزاج، وليس من جهة النفس.
نفوس الناس كلها سواسية ولكنهم يختلفون باختلاف المزاج الذي تخلّقت منه أجسادهم.
الغضب والحزن والشجاعة والذكاء أمور مردّها إلى مزاج الجسد.
كلما اعتدل هذا المزاج وتساوت مقاديره تمّ الإنسان واكتمل، ولم يحصل الأنبياء على الكمال والأفضلية إلا بتساوي هذه المقادير في مزاجهم.
ولكن مذهب الحكمة المتعالية يرى بأنّ للنفس أفضلية معينة، يؤكدها قول الله (الله أعلم حيث يجعل رسالته).
فالنبوّة عندهم دليل على وجود أفضلية لنفس النبي.
وبناءً على هذا فالحساب يوم القيامة لن يكون على حدّ واحد، بل سيكون بحسب الاستعداد الكامن في المزاج.
من كان مزاجه في الأصل مستعداً للغضب أكثر من غيره لن يُحاسب مثل من كان مزاجه أبعد عن الغضب، وهكذا الحال في سائر الصفات.
والعدل ليس بالتساوي، بل بإعطاء كل ذي حق حقّه.
يضربون مثالاً لذلك بالنار، يقولون بأنّ النار عنصر واحد، ولكنها تختلف شدّة وضعفاً بحسب المحل الذي تقع فيه.
النار في الهشيم ليست مثل النار في القطن.
في الهشيم تكون النار أكثر شدّة وسرعة وانتشاراً، بخلاف حالها مع القطن.
وهكذا النفس هي عنصر واحد ولكنها تختلف بحسب المزاج الذي تقع فيه.
والعلم الحديث أيضاً أثبت هذه الحقائق؛ فالمكوّنات العضوية للإنسان تؤثر في عقله وسلوكه وأخلاقه.
مثلاً: مستويات الوعي والاستيعاب ترجع إلى عوامل خلقية كامنة في الدماغ.
كما يوجد علاجات تهدئ الغضب أو تقوي الشهوة.
إذاً؛ صفات الإنسان ليست محصورة في نفسه، بل مزاج جسده عامل رئيسي.