- صاحب المنشور: عبد الكبير القيرواني
ملخص النقاش:
في عصرنا الحالي الذي يتميز بتقدم مذهل في مجال التكنولوجيا، أصبح للتقنيات الحديثة تأثير عميق ومتعدد الجوانب على الحياة اليومية. إحدى المجالات التي شهدت تأثيرات كبيرة هي العلاقة داخل الأسرة. بينما توفر التقنيات وسائل جديدة للتواصل والتعلم والترفيه، فإنها قد تؤدي أيضًا إلى تحديات تتعلق بالوقت المشترك والعلاقات الشخصية والتفاعلات غير الافتراضية.
من جهة أخرى، يمكن لهذه الأدوات الرقمية أن تعد بمزايا عديدة لدى استخدامها بطريقة مدروسة. فعلى سبيل المثال، يمكن للأطفال الاستفادة من البرامج التعليمية عبر الإنترنت لتحقيق نتائج أكاديمية أفضل. كما يوفر التواصل الرقمي فرصة للأسرة المتفرقة جغرافياً لإقامة روابط قوية رغم المسافات الشاسعة بينهم. بالإضافة لذلك، تساهم بعض تطبيقات الهاتف الذكي وأدوات إدارة الوقت في تنظيم الجدول الزمني لعائلة مشغولة وتسهيل إدارة المهام المنزلية.
لكن الجانب السلبي واضح أيضاً؛ فالاعتماد الكبير على الوسائل الإلكترونية قد يؤدي إلى نقص الحوار وجهًا لوجه وانخفاض مستوى التواصل الاجتماعي الفعلي. هذا الأمر قد يتسبب في شعور الأفراد بالعزلة الاجتماعية والشعور بانعدام الارتباط العاطفي مع أفراد الأسرة الآخرين. علاوة على ذلك، غالبًا ما تكون هذه التكنولوجيات مصدراً للإلهاء أثناء وقت القراءة أو الدراسة أو حتى خلال نشاط اجتماعي مهم مثل وجبة عائلية مشتركة.
لتعزيز الصحة النفسية والمشاركة المتوازنة ضمن نطاق الأسرة، هناك حاجة ملحة لتطبيق حدود واضحة لاستخدام التكنولوجيا. يُشجع الآباء والأمهات على وضع سياسات موحدة فيما يتعلق بفترة النوم والنظام الغذائي واستراحات الشاشة القصيرة المنتظمة طوال اليوم للحفاظ على توازن صحي جسدي وعقلي لكل فرد في العائلة. كذلك تشجيع الانخراط بنشاطات تقليدية كالقراءة والصلاة وممارسة الرياضة يمكن أن يساهم بشكل كبير في الحد من التأثيرات السلبية المحتملة للتكنولوجيا على الروابط العائلية القائمة.
ختاما، دور التكنولوجيا ليس مجرد اختيار ثنائي - نعم أم لا - بقدر ماتكون قدرته على تطوير حياة أكثر مرونة وإنتاجاً إذا تم استخدامه بحكمة وبما ينسجم مع الاحتياجات الإنسانية للعلاقات البشرية الطبيعية والقيم الدينية والإسلامية الراسخة.