- صاحب المنشور: أصيل الدين بن عبد الكريم
ملخص النقاش:
مع ارتفاع معدلات الالتحاق بالجامعات وتوسع برامج التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، يواجه الخريجون الشباب تحديات جديدة فيما يتعلق بسوق العمل. هذه الأزمة المتزايدة بين التخصص الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل تشكل قضية حيوية تحتاج إلى معالجة فورية للتأكد من أن استثمارات البلاد في تعليمها عالية المستوى تؤتي بثمارها.
فهم المشكلة الحالية:
تظهر البيانات الأخيرة تباينا كبيرا بين خريجي الجامعة وشاغلي الوظائف الفعلية. وفقا لتقرير صدر مؤخرا، فإن حوالي 28% من القوة العاملة السعودية تتكون من حملة شهادات جامعية أو عليا، وهو رقم مرتفع مقارنة بمعدل توظيف هؤلاء الأفراد. حيث يشكو الكثير منهم من عدم مطابقة خلفياتهم الدراسية لمجالات العمل المتاحة حاليا. هذا الوضع ليس غير عادل للفرد فقدان الفرصة فحسب، بل يمكن أيضا أن يؤدي إلى خسائر اقتصادية للمملكة نتيجة الاستثمار الكبير في التعليم العالي بدون الحصول على مردود مناسب منه.
دور الحكومة والشركات الخاصة:
تلعب كل من الحكومات والشركات الخاصة دورا محوريا في حل هذه المعضلة. من جانبها، تستطيع الحكومة تحديث المناهج الدراسية لتعكس التحولات الحقيقية لسوق العمل المحلي والعالمي. بالإضافة لذلك، قد يكون هناك حاجة لدعم المزيد من البرامج التدريبية العملية التي تساعد الطلاب على تطوير المهارات اللازمة لأدوار محددة ضمن القطاعات المختلفة. كما ينبغي النظر جديا في تقديم مزايا ضريبية للشركات التي تقوم بتوظيف الكوادر الجديدة مباشرة بعد تخرجهم.
بالنسبة للقطاع الخاص، فهو مطالب بتقديم فرص تدريب عملية واسعة النطاق داخل المنشآت الصناعية والتجارية. هذا النوع من التدريب العملي سيمنح الطلبة تجربة واقعية ذات قيمة كبيرة عندما يدخلون سوق العمل رسمياً. كما أنه يجب زيادة التواصل المباشر بين الشركات والحكومات والمؤسسات التعليمية للتوافق حول الاحتياجات المستقبلية للسوق وكيف يمكن لهذه المؤسسات تجهيز جيل اليوم لتحمل مسؤولية غد أفضل.
دور الأسرة والأفراد:
وعلى الرغم من أهمية الدور الذي تلعبه الجهات الرسمية والخاصة، إلا أنه يوجد أيضا مساهمة مهمة للأسر والأفراد. بداية من التشجيع المبكر لأطفالهم على الاختيار الحر والتوجيه نحو المسارات المهنية بناءاً على اهتماماتهم وقدراتهم الشخصية. كذلك، يجب تشجيع طلاب الجامعات على البحث عن خبرات عمل جانبية أثناء فترة دراستهم مما يعطي لهم فرصة أكبر للتوظيف الناجح لاحقا. أخيرا وليس آخرا، التعلم الذاتي عبر الإنترنت أصبح الآن أكثر سهولة وأقل تكلفة، وهذا يعني أنه يمكن لكل فرد تحسين مهاراته وملائمتها لأهداف حياته المهنية بغض النظر عن تخصصاته الأصلية.
في المجتمع الحديث، التعليم العالي أصبح ضرورة ولكن بلا توجيه صحيح ومواءمة فعالة معه، يمكن أن يصبح عبئًا ثقيلًا عوضا عن كونه دعامة للنمو الشخصي والاقتصاد الوطني. ولذلك، بات واضحا تمام الوضوح بأن الأمر يتطلب جهود مشتركة وعزم متبادل لإيجاد الحلول المناسبة لمنع حدوث تضارب كبير بين طموحات الشباب وخيارات العمل الواقعية.